لمحمد بن عباد: أردت أن أوليك فمنعني إسرافك في المال. فقال محمد: منع الموجود، سوء ظن بالمعبود. فقال له المأمون: لو شئت أبقيت على نفسك، فإن هذا المال الذي تنفقه ما أبعد رجوعه إليك. قَالَ: يا أمير المؤمنين موّله مولى غني لا يفتقر.
قَالَ: فاستحسن المأمون ذلك منه وَقَالَ للناس: من أراد أن يكرمني فليكرم ضيفي محمد بن عباد. فجاءت الأموال إليه من كل ناحية، فما برح وعنده منها درهم واحد. وَقَالَ: إن الكريم لا تحنكه التجارب.
أَخْبَرَنِي أحمد بن علي المحتسب، حدّثنا إسماعيل بن سعيد المعدّل، حدّثنا أبو بكر ابن الأنباريّ، حَدَّثَنِي أبي عن المغيرة بن محمد وغيره. قَالَ: قَالَ المأمون لمحمد بن عباد المهلبي: أبا محمد بلغني أنه لا يقدم أحد البصرة إلا أدخل دار ضيافتك قبل أن يتصرف في حاجاته، فكيف تسع هذا؟ فقال: يا أمير المؤمنين منع الموجود سوء ظن بالمعبود. فاستحسنه منه وأوصل إليه المأمون ما مبلغه ستة آلاف ألف درهم. ومات وعليه خمسون ألف دينار دينا، قَالَ: وَقَالَ المأمون لمحمد: يا محمد ما أكثر الطاعنين على أبي المهلب! فقال له: يا أمير المؤمنين هم كما قال الشّاعر:
إن الغرانيق تلقاها محسدة ... ولا ترى للئام الناس حسادا
قَالَ أبي: قَالَ المغيرة: وهذا البيت من شعر مدح به عمر بن لحاء يزيد بن المهلب وأوله:
إن المهلب قوم إن نسبتهم ... كانوا الأكارم آباء وأجدادا
كم حاسد لهم بغيا لفضلهم ... وما دنا من مساعيهم ولا كادا
أَخْبَرَنَا علي بن محمد بن عبد الله المعدل، أخبرنا الحسين بن صفوان البرذعيّ، حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدّنيا، حَدَّثَنِي إبراهيم بن عبد الرحمن. قَالَ: لما احتضر محمّد بن عباد دخل عليه نفر من قومه كانوا يحسدونه، فلما خرجوا قَالَ متمثلا:
تمنى رجال أن أموت فإن أمت ... فتلك سبيل لست فيها بأوحد
فما عيش من يبغي خلافي بضائري ... وما موت من يمضى أمامي بمخلدى
فقل للذي يبغى خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
أخبرنا محمّد بن يحيى النديم، حَدَّثَنَا محمد بن زكريا الغلابي قَالَ: قيل للعتبي: