عَنهُ خاطره فجن فِي الْحَال وَآل بِهِ الْجُنُون إِلَى أَن حط فِي الْحَدِيد وَمَات بعد أَن قاسى الْحَال الشَّديد
فِي مدْخل يَوْمَيْنِ أَو ثَلَاث من محرم وصل الْخَبَر إِلَى صنعاء من طَرِيق السراة أَنه لما رمى حسن باشا جَمْرَة الْعقبَة اتّفق على رميه من رَأس الأكمة الَّتِي هِيَ جنوبي الْجَمْرَة يقْعد فِيهَا أهل الْيمن للتفرج إثنان أَحدهمَا من بواردية الشريف وَالْآخر من هُذَيْل فأصيب فِي فَخذه فَخر لوجهه فِي آنه وأحاطت بِهِ عِصَابَة فرسانه فأدخلوه التخت وفتكوا بِثَلَاثِينَ رجلا فِي ذَلِك الْوَقْت أغلبهم من لَا يحمل السِّلَاح وَلَا يُطيق النزال والكفاح لما ثار بهم من الشراسة وداخلهم من الغيظ والحماسة واضطرب هُنَالك الحجيج وارتفع الصُّرَاخ والضجيج وَوَقع النَّاس فِي أَمر مريح وَمِنْهُم من أعجزه محموله وَمِنْهُم من اخْتَلَط معقوله
أَخْبرنِي من شَاهد الْحَال أَن أَصْحَاب الباشا مضوا بعد ذَلِك سائرين وأعملوا السَّيْف فِيمَن وجدوا من الْمُسلمين فَلَمَّا مروا بأمير حَاج الْيمن وَرَأى فعلهم السخيف ووضعهم السَّيْف فِي الْقوي والضعيف لَزِمته الأنفة فَصف لَهُم عَسْكَر الإِمَام بِجَانِب الطَّرِيق وَفعل فعل المتحرش فَلَزِمَ لَهُم الْمضيق فأغضوا عَنهُ عَجزا لَا حلما ومضوا بعيون عبرا وأكباد كلما وتسارع النهب فِي أَطْرَاف منى وقاسا ضعفة الْحَج أَشد العناء
والشريف ركب من حِينه بعد أَن لبس لَامة حربه وَحين قرب مِنْهُم وَرَأَوا بريق الصفاح وتعاقب الأرماح وَعرف أَن فِي خوضه لاستفصال الْقَضِيَّة نوعا من الْإِيهَام مَعَ مَا لَا يفوتهُمْ أَن ذَلِك الْأَمر بإشارته وَالسَّلَام رجح للفور الْعود إِلَى