تِلْكَ الوهاد بِمن مَعَه من الفرسان وَكَانَ قد ترك الشُّهُود لأطراف القنا وَأرْسل عنان فرسه إِلَى عنان كل عَنَّا وَمَا اسْتَفَادَ من نجدته غير قرع النجُود والعدول عَن سكنه إِلَى مساكنة السيدان وَالْأسود مصاحبا القرضابة منشدا لأترابه وأحبابه
(ولي دونكم أهلون سيد عملس ... وأرقط زهلول وعرفاء جيأل)
(هم الْأَهْل لَا مستودع السِّرّ ضايع ... لديهم وَلَا الْجَانِي بِمَا جر يخذل)
والباشا حسن اسْتَقر هَذِه الْأَيَّام بجدة وَأعد بتحويل السِّيَاق إِلَى مَكَّة عدَّة
وفيهَا اتّفق بَين السَّيِّد مُحَمَّد بن عبد الله العياني وناظر الْوَقْف بِصَنْعَاء شجار فِي أَمْلَاك فَرفع إِلَى حَاكم الْبَلَد السَّيِّد عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن الإِمَام وَاقْتضى رَأْيه تَأْدِيب جمَاعَة السَّيِّد فاحترقت لذَلِك أنفاسه وأعان على غيظه وسواسه فَلبس الغرارة وَجعلهَا لغيظة أَمارَة واشتعل نَار غيظه حَتَّى رمت بشرر كالقصر لما كَانَ قد أَلفه من نُفُوذ الْكَلِمَة الَّتِي تقدم مَعهَا أَرْبَاب الْأَمر
(وَمَا كل وَقت يمنح الْمَرْء سؤله ... فَخذ عَفْو مَا واتى ودع كلما استعصا)
وَفِي إِحْدَى جماديين مَاتَ حُسَيْن بن أَحْمد الْوَادي وَكَانَ بارعا فِي اسْتِخْرَاج الْكَوَاكِب من جداول الزيجات وترتيب الْأَحْكَام عَلَيْهَا فِي السّكُون والحركات فَلَمَّا أَرَادَ السّفر إِلَى قعار نظر فِي أَحْكَام الْفلك الدوار فَقضى عرفانه بالنقلة من صنعاء إِلَى وهب فِي سَاعَة اخْتَارَهَا وأثاره من علم آثارها