بمشاقص الْقِتَال وأفطن ثمَّ بخيس ذَلِك الريبال فتوجهوا جَمِيعًا إِلَيْهِ ومالوا بجملة تِلْكَ الأجناد عَلَيْهِ فَكَانُوا كمطلق الْعَنَان إِلَى الْعَنَان وأنشدهم الْحَال من غير لِسَان
(إِذا شَاءَ أَن يلهو بلحية أَحمَق ... أرَاهُ غباري ثمَّ قَالَ لَهُ الْحق)
فانعطفوا على قبائل يَنْبع وَمَا والاها من العربان وجرعوهم كؤوس الوبال والهوان وأنضدوا بأعناقهم السلَاسِل وشردوا بهم من خَلفهم من الْقَبَائِل واحتزوا رُؤُوس الرؤوس وهم ثَلَاثَة عشر شَيخا
وَلما رأى سعد بن زيد فظاعة الْأُمُور سدد وقارب فِي التَّخْفِيف عَن الْجُمْهُور وتدارك بعض الاختلال وَعمل بِمُقْتَضى الْحَال وانصرفت طَائِفَة الرّوم وأشوى سهمهم المسموم بقلوب لَهَا غليان وصفقة يتأسى بهَا أَبُو غبشان وانقلب سعد إِلَى دَار السَّعَادَة وَقد ثنيت لمملكته الوسادة وَبَقِي حمود فِي تِلْكَ النجُود يزأر زئير الْأسود ويحمحم جَوَاده ويجود غير أَنه نفذ مَا لَدَيْهِ وَقد كَانَ عِنْده ذخيرة وَلَكِن تمّ مَا لَا مزِيد عَلَيْهِ
وَفِي أول محرم تغلب جمَاعَة على قلعة دثينة وَذَلِكَ أَنه كَانَ بهَا رُتْبَة على الْقَوَاعِد الْقَدِيمَة فِي حفظ القلاع بِمن لَا يفارقها وَيكون بحشمه وَجَمِيع مَا يتَعَلَّق بِهِ فقصدا إِلَى القلعة جمَاعَة مَعَهم سِلَاحهمْ وأظهروا أَن قصدهم زِيَارَة أرحامهم الَّذين بهَا فَلَمَّا استقروا طمعوا فِي الِاسْتِيلَاء عَلَيْهَا فَقتلُوا نَائِب القلعة وَولده وَأَغْلقُوا بَابهَا فَرفع خبرهم إِلَى شرف الْإِسْلَام الْحُسَيْن بن الْحسن