النواظر وأقصي عَن حَضْرَة الإِمَام بعد أَن مازجت الخواطر مِنْهُ أَوْهَام فأثابه الإِمَام بِمَا يَلِيق وَدلّ على قَارِعَة الطَّرِيق فَتوجه طَرِيق صنعاء وَقد ارْتَفع إِلَى الْخَواص بعض خَبره وَإنَّهُ أظهر فِيمَا بعد أَن الْهِنْد مُنْتَهى سَفَره
فَلَمَّا وصل صنعاء وَبهَا عَسَاكِر صفي الْإِسْلَام أَحْمد بن الْحسن وهم فِي أبهة لَهَا أساليب يرتجف لَهَا فؤاد شبيب وَقَائِدهمْ داهية فِي سربال وفارعة يقوم بهَا قِيَامَة الْأَبْطَال
(أَسد دم الْأسد الهزبر خضابه ... موت فريص الْمَوْت مِنْهُ يرعد)
فَمَلَأ بِهِ النواظر وَلَقي مِنْهُ الهزبر الكاشر لكنه أَخذ يقلل حَاله فِي أعين النَّاس ويخبر عَن كَثْرَة شجعان بِلَاده وَمَا هم عَلَيْهِ من الباس ويخبر أَنه برز أَمر السُّلْطَان قبل الْعَام الْمَاضِي بالتجهيز على الفرنج وَأَن تعْمل المذاكي وتلمع المواضي فَرَمَاهُمْ على سَبِيل الْفَوْز بسبعة لكوك فصادف سُقُوط الثَّلج الَّذِي سد عَلَيْهِم طرق السلوك فاغتنم الفرصة الإفرنج
وَقتلُوا مِنْهُم خلقا عديدا
{هُنَالك ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وزلزلوا زلزالا شَدِيدا} بعد أَن تراموا بالزبارط والمكاحل ثمَّ اجتلدوا بِالرِّمَاحِ والمناصل وَكَانَت الدائرة بالهزيمة على الْمُسلمين وريح النَّصْر خافقة بهَا ألوية الْكَافرين وَلم يعد غير نصفهم إِلَى اسطنبول فَوَعَدَهُمْ السُّلْطَان بنيل السول ثمَّ كمل بهم عدَّة عشرَة لكوك وربط فيالقهم وكراديسهم بالبواش والوزراء والملوك وأنفذهم كالنصال إِلَى نحور الفرتقال فأنسوهم لَيْلَة الهرير وحصدوا من رقابهم الجم الْغَفِير
ثمَّ قَالَ مَا هَؤُلَاءِ الَّذين فِي حضرتكم إِلَّا فِي عدَّة أهل البلطات وهم الَّذين يحملون زبر الْحَدِيد تجاه الْجَيْش لإِصْلَاح الطرقات
فَتلقى حَدِيثه بِعَدَمِ الْجِدَال وحملت حماسته على كَاهِل الِاحْتِمَال وَلما وصل إِلَى حَضْرَة عز الْإِسْلَام مُحَمَّد بن الْحسن بن الإِمَام وأشرف على العرضة الَّتِي عقدت بقاع جبلة فَرَأى أساليب الأروام بِتِلْكَ النّوبَة الَّتِي يحمحم لَهَا الْجواد الصَّافِن ويحترك لَهَا الْفُؤَاد السَّاكِن