فعادوا عَنهُ إِمَّا لذاك وَإِمَّا لهَذَا وليتهم رجعُوا إِلَى اسطنبول يَتَسَلَّلُونَ لِوَاذًا فَإِنَّهُم عَادوا فِي هيعة وتجميع ونوبة وترجيع
(فهم فِي جموع لَا يَرَاهَا إِبْنِ داية ... وهم فِي ضجيج لَا يحس بِهِ الْخلد (
قيل إِنَّهُم زهاء أَرْبَعِينَ ألفا من حَضْرَة السُّلْطَان ينضاف إِلَيْهِم جمع من بَغْدَاد وَكثير من الْبلدَانِ فَلَمَّا حصلوا فِي اسطنبول أَمر السُّلْطَان مُحَمَّد أعيانهم بالمثول وَقَالَ لَهُم أمرْتُم أَن تَأْتُوا بِحُسَيْن باشا فِي الْحَدِيد أم على هَذَا الْوَجْه الَّذِي يُنَافِي المرؤة ويسود وَجه الفتوة وَرُبمَا عرض الكبراء على السَّيْف وأذاقهم وبال الْميل والحيف وَكَانَ من خبر حُسَيْن باشا ثُبُوت الْوَطْأَة على مملكة الْبَصْرَة من هَذَا التَّارِيخ إِلَى سنة ثَمَان وَسبعين وَسَيَأْتِي هُنَاكَ تَمام الْخَبَر وَمَا رعفت بِهِ أنف الْقدر
وَفِي ذِي الْقعدَة توفّي بالأبناء القَاضِي الْعَارِف الْهَادِي بن عبد الله الحشيشي وَكَانَ قد بلغ الشيخوخة وَكَانَ من أعوان الإِمَام الْقَاسِم بن مُحَمَّد وَولده الْمُؤَيد رَئِيس قومه بني حشيش وَأهل السِّرّ وَاتفقَ لَهُ تَعب كثير فِي ولَايَة سِنَان باشا فَإِنَّهُ شدد على عَالم الْفُقَهَاء الْبَوَادِي وَلما كَانَ الْمَذْكُور من جُمْلَتهمْ فر إِلَى بِلَاد خولان ورافق القَاضِي سعيد بن صَلَاح الهبل فبقى هُنَاكَ فِي حَال جميل حَتَّى دخل سِنَان باشا إِلَى خولان فهرب ورفيقه إِلَى بدبدة وَلم يشعروا إِلَّا وَقد أطل عَلَيْهِم من رُؤُوس الشواهق ولمعت من بطُون بنادقه البوارق وَكَانَ الْمَذْكُور مِمَّن الطّلب فِي أَثَره فألهم إِلَى تنكر الملبوس فَغير إِشَارَة الْفُقَهَاء وخلع عَن عَاتِقه