كانت الأخيرة، وقولي السابقة لأنها التي ينبغي أن يسبق الخاطر إليها ويعملها من ينظم الموشح في الأول، وقبل أن يتقيد بوزن أو قافية " (?) ؛ على إننا يجب أن لا نقلل من قيمة القواعد التي استخرجها ابن سناء الملك، فإنها تدل على عقلية تنظيمية في النقد، وغن لم يعطنا فيها مقاييس واضحة، تعين على تذوق الموشح أو استكمال نواحي الجمال فيه، وحسب ابن سناء الملك انه لم يسبق إلى هذه الدراسة، وانه أيضاً لم يأت بعده من يكمل ما صنع.

ولا نعرف ناقداً آخر في مصر توقف عند الموشحات بالنقد، أو عني بوضع قواعد واحكام نقدية نظرية، وإنما انصرف النقاد في الأكثر إلى النقد التطبيقي، وفي هذا الباب تجاوزوا الانشغال بالمتنبي، حتى نكاد لا نجد لهم حكماً يتعلق به وبشعره، وانصرفوا إلى نقد شعراء آخرين، من المعاصرين وغيرهم.

ابن جبارة وكتابه نظم الدر في نقد الشعر

وإذا كان القاضي الفاضل قد رفع من شعر ابن سناء الملك بتلك التقريظات المغالية، التي لا تتوقف كثيراً عند التعمق والتحليل، فغن القاضي الرئيس ابن جبارة علي بن إسماعيل (554 - 632) (?) قد قصر جهده النقدي في كتابه " نظم الدر في نقد الشعر " على تبيان المآخذ والمساوئ في شعر ابن سناء الملك، ولا ندري هل كان مدفوعاً إلى ذلك بداعي المنافسة، أو بداعي ميله إلى نقض تقريظات القاضي الفاضل؛ وهذا الكتاب الذي يسميه الصفدي أيضاً " تعليقته التي أملاها على شعر ابن سناء الملك " (?) ، لم يصلنا ولكن الصفدي احتفظ بنماذج منه في شرحه على لامية العجم، من ذلك قوله معلقاً على هذين البيتين لابن سناء الملك:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015