الجديد على المشارقة؛ فقد تفتح له ذوقه على نحو لم يتيسر لشخص آخر من معاصريه؛ صحيح عن وقفته أمام الموشح تمثل " شعوراً بالنقص " إزاء بدعة جديدة، ولكن ذلك الإقدام على تلك البدعة كان يتطلب جرأة في الذوق، وقد تمثلت هذه الجرأة لدى ابن سناء الملك في وجهتين: أولاهما محاولة التجديد في التقليد، فهو لا ينكر انه يحاكي الأندلسيين، ولكنه لا يريد أن يفعل كما فعل غيره من المصريين فيستعير الخرجات من موشحات المغاربة، يقول " فكنت إذا عملت موشحاً لا استعير خرجة غيري بل ابتكرها واخترعها ولا أرضى باستعارتها؟ واخترعت أوزاناً ما وقعوا عليها (أي المغاربة) ، ولم يبق شيء عملوه إلا عملته إلا الخرجات الأعجمية فأنها كانت بربرية (?) فلما اتفق لي أن تعلمت اللغة الفارسية عملت هذا الموشح وغيره وجعلت خرجته فارسية بدلاً من الخرجة البربرية " (?) .

أما الوجهة الثانية - وهنا تتميز روح الناقد - فهو لإقدامه على استخراج قواعد للموشح، وذلك أمر لم يقدم عليه الأندلسيون أنفسهم. ولست أشير هنا وحسب إلى القواعد التي رسمها لشكل الموشح؛ وتآلفه من أقفال واغصان، وعدد أجزاء كل بيت، إلى غير ذلك من شئون يدركها من يقارن نماذج مختلفة من الموشحات، فتلك دراسة علمية تجيء صائبة أو مخطئة بمقدار ما لدى الدارس من شواهد؛ ولكني أشير أيضاً إلى التفننات المختلفة في طبيعة الموشح، وما حديثه عن الخرجة إلا من هذا القبيل إذ يقول " وقد تكون الخرجة عجمية اللفظ بشرط ان يكون لفظها في العجمي سفسافاً نفطياً ورمادياً زطياً، والخرجة هي ابرز الموشح وملحه وسكره، ومسكه وعنبره، وهي العاقبة وينبغي أن تكون حميدة، والخاتمة بل السابقة وإن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015