هذين الناقدين يتقاربان في التقليل من شأن السرقات في المعاني، وذلك لان نظرية النظم عند عبد القاهر تبيح التفاوت المستمر، مهما اهتدى شاعر بضوء شاعر قبله، وموقف حازم من المعاني الجمهورية يعني أن المصدر الذي يرده الشعراء واحد، وإنما يتم التفاوت في المعاني المبتكرة.

اهتمامه بسبب تفلسفه بالوحدة في المنبع والغاية والتقاؤه بقدامة

وككل ناقد متفلسف سعى حازم دائماً إلى مبدأ " الوحدة " فرآها - كما ذكرت سابقاً - في منبع الشعر وفي أغراضه، ومن طلبه للوحدة كان لابد من أن يلتقي بقدامة وان يعجب بقدرته المنطقية، فحاول ان يحاكي طريقته في إيجاد محور للأغراض الشعرية؛ ولكن قدامة استطاع أن يضلله في غير موطن، فهو قد تابع قدامة في إخضاع الشعر للحدود العقلية التي يقبلها المنطق مثل حسن التقسيم والمقابلة وما أشبه، مع انه كان في مقدور حازم ان يتجاوز هذا كله لقوله بانبثاق الشعر من قوى " تسمى المائزة والحافظة والصانعة) فإذا وجد شيء من هذه الأمور في الشعر؛ فليست هي التي تكفل له درجة كبيرة من التأثير، وكان التأثير من أهم ما حام حوله حازم في نقده؛ وقد حاول حازم ان يخرج من هذا المأزق الذي أوقعه فيه قدامة حين ختم هذه الملاحظات بضرورة إعطاء الحكم للشعراء، أي عدم اتهامهم بأنهم خرجوا على صحة التقسيم والتقابل إلا إذا عجز التأويل عن ذلك: " وكلما أمكن حمل بعض كلام هذه الحلبة المجلية من الشعراء على الصحة كان ذلك أولى من حمله على الإحالة والاختلال، لأنهم ثبت ثقوب أذهانهم وذكاء أفكارهم واستبحارهم في علوم اللسان وبلوغهم من المعرفة الغاية القصوى " (?) وكأنما أحس حازم أن القاعدة هي الشاعر لا تقسيمات قدامة وتفريعاته حول صحة المعاني وسلامتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015