الأمر لا يعدو ما قاله صاحب العقد قبل قرون كثيرة: فكتاب " الوافي " مثل آخر على مدى تأثير العمدة في النقد في الأندلس.
حازم القرطاجني ملتقى الروافد العربية واليونانية جميعاً
وربما كانت آخر صلة بين كتاب أرسطو والنقد العربي متمثلة في كتاب حازم القرطاجني " منهاج البلغاء وسراج الأدباء "؛ وحازم ينتمي إلى شرق الأندلس، غير انه غادر وطنه حين سقط بلده في يد الرومس أو قبيل لك وعاش في ظل الدولة الحفصية، وفي مهاجره الجديد كتب كتابه المذكور.
الناقد الغريب الضائع يحس بضياع الشعر
ولم يكن غريباً على حازم الذي فقد وطنه ان يحس بالضياع، وان ينعكس إحساسه هذا على حال الشعر والنقد في عصره؛ أما الشعر فإنه منذ مائتي عام يعاني خروجه عن مذهب الفحول في الإحكام والانتقاء (?) ؛ وقد تضاءل جمهوره وقل المقبلون عليه، بل أصبح كثير من أنذال العالم - وما أكثرهم - يعتقد أن الشعر نقص وسفاهة، مع أن القدماء كانوا يعظمون صناعة الشعر حتى كانوا يرون في الشاعر كما يقول ابن سينا: نبياً يعتقد قوله وتصدق حكمته ويؤمن بكهانته؛ وغنما تردى الشعر إلى هذه الدرجة من الهوان لعجمة في ألسنة الناس (?) واختلال في طباعهم، ثم رأى هؤلاء ما ركبه الاخساء الذين اتخذوا " الأشباح الشعرية " وسيلة لاستدرار الاعطيات من السوقة، دون أن يعرفوا حقيقة الشعر، ظانين أن كل ما ركب على وزن وقافية يعد شعراً، وضاعت التفرقة بين الشعر الحق وهذا " الشبح "