الذوق الأندلسي في فترة زمنية قصيرة، فبعد سنوات سنستمع أشياخ ابن خلدون يخرجون المعري - وأستاذه المتنبي - من دائرة الشعر، لأنهما لا يجريان على طريقة العرب، وتلك عودة لا إلى الصورة ولا إلى الحكمة، وإنما هي عودة إلى البحتري، أي إلى جمال الموسيقى (?) .
الرندي مصنف مدرسي لآراء النقاد المشارقة
وقد كان من الممكن ان نقف قليلاً عند أبي البقاء الرندي (- 685) من أدباء هذا العصر وسعرائه، فقد خلف كتاباً سماه " الوافي في نظم القوافي "؛ ولم يكن الرندي من المهاجرين الأندلسيين فلهذا لم يكن بحاجة إلى الموقف الدفاعي، وكتابه لا يضيف شيئاً جديداً إلى القضايا والآراء النقدية، وإنما هو ذو منحى تعليمي خالص، جمع فيه بين ما جاء في كتاب العمدة وما جاء في الفصل الخاص من " العقد " حول الشعر والشعراء، واستقل بزيادة بعض الأمثلة أو بحشد التقسيمات الواردة في المصادر المختلفة، فليست له قضية نقدية يدافع عنها أو يتبناها، وإنما هو يكتب بصيغة تقريرية خالصة " وقد أوردت في كتابي هذا جملة كافية في صنعة الشعر لمن أحب أن يأخذ بأزراره ويطلع على أسراره ويتفنن في بديعه ويتبين سقطه من رفيعه "، وهو يردد ما قاله معاصروه وكثير ممن سبقهم من أن المتأخر ربما بلغ " بشرف الاطلاع ما لم يبلغ المقدم بفضل الاختراع "؛ وقد نقول إن شعوره بهوان الشعر في عصره هو الذي جعله يتحدث عن فضل الشعر وأن كثيراً من الخلفاء والأمراء قالوه " وهم القدوة "، ولكن