المرقص والمطرب انتصار لفكرة المتعة على الفكرة الأخلاقية

وفي استعمال هذه المصطلحات الخمسة (المرقص - المطرب - المقبول - المسموع - المتروك) نظر ابن سعيد إلى الشعر من ناحية " التأثير " وحسب، أي نظر إلى فعل الشعر في نفس المتلقي وإلى رد الفعل لديه حين يتلقى الشعر؛ وقصر النظر على هذه الناحية دون سواها، مع استبعاد الأمثال والحكم من باب المرقص والمطرب، وذلك انحياز إلى جانب المتعة في الشعر، وانصراف عما أهتم به النقاد الأندلسيون السابقون من الزاوية الأخلاقية، ونتيجة لذلك انحصرت براعة الشعر (أو براعة الشاعر) في إبراز وجه جديد من القول قائم على الصورة؛ ومن الواضح أن اعتماد " التوليد " صنواً للابتكار هو نظر إلى الشعر من زاوية " قضية السرقات "، وكان ذلك قد أصبح قانوناً للشعر في الأندلس منذ ابن شهيد؛ غير انه من الغريب أن نجد هذا التفاوت في الذوق الأندلسي في فترة واحدة، فبينا يتأخر المتنبي عن شعراء القرون الثلاثة الأخيرة في قدرته على الإبداع التصويري لدى ابن سعيد (وربما لدى المدرسة الاشبيلية كلا) نجده اكبر شاعر في نظر حازم (ابن المنطقة الشرقية في الأندلس) ، وبينا يفوز المتاخرون عند ابن سعيد بقصب السبق في الاختراع والتوليد، نجد حازماً يعدهم نموذجاً لانحراف الشعر عن خطه الصحيح (منذ أكثر من قرنين) . غير انه من الجدير أن نشير إلى أن مقياس ابن سعيد سريع إلى الاختلال عند الفحص، لا من حيث النظرة والذوق لدينا اليوم، بل من حيث شمول النظرة لو حاولها ابن سعيد نفسه، ولهذا نجد اضطراباً داخلياً لدى ابن سعيد في الأخذ بمقياسه، فهو يحب شعر المجنون وقيس بن ذريح وكثير (?) (دون ان تكون صلة ذلك الشعر قوية بالغوص على الصور) وهو يرى في المعري " اشعر من ملك طريق التخييل) (?) ؛ ومرة أخرى يقف الدارس حائراً في تقلب هذا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015