يتعلق بالنقد من هذه الرسالة قد سبق في قالب الحمية للدلالة على فضل الأندلس في الشعر؛ وأكثر ما أورده من مقطعات إنما رجع فيه إلى ما استحسنه الأندلسيون واعجب به الذوق العام، وأكثره يعتمد على الصور الجميلة، وليس مما يستقل به ذوق الشقندي أو ما يوشحه بأحكام نقدية صريحة، ولكن دلالة هذه المختارات قوية، فكأن الشقندي قد أورد على أبن المعلم نماذج من الشعر لا يستطيع أبن المعلم نفسه أن ينكر جمالها، كذلك فإن سكوته عن بيان خصائصها يفترض ضمناً أن أبن المعلم - إن كان سليم الذوق - سيدرك خصائصها الفنية دون حاجة إلى توضيح، وعلى هذا تدل النماذج الشعرية التي أوردها الشقندي على شيئين أولهما: طبيعة الذوق المغربي في القرن السابع وثانيهما وحدة هذا الذوق في كل من المغرب والأندلس.
الموقف الدفاعي عند أبن دحية وكتاب المطرب
وفي هذا الصف الذي يمثله الشقندي يقف أبن دحية الكلبي (- 633) فإنه كتب " المطرب " للملك الكامل الأيوبي ليعرف المشارقة بالشعر الأندلسي والمغربي فجمع في كتابه صوراً من " الغزل والنسيب والوصف والتشبيب، إلى غير ذلك من مستطرفات التشبيهات المستعذبة ومبتكرات بدائع بدائه الخواطر المستغربة؟ الخ " (?) واسترسل في كتابه مع الخاطر، دون تبويب أو ترتيب، ولذا فإنه لم يراع فيه التدرج الزمني. وهو يعلق على ما يختار بتقريظات قائمة على المبالغة، ولكن موقفه الدفاعي واضح في قوله بعدما أورد أبياتاً للغزال: " وهذا الشعر لو روي لعمر بن أبي ربيعة أو لبشار بن برد أو لعباس بن الأحنف ومن سلك هذا المسلك من الشعراء المحسنين لاستغرب له، وإنما أوجب أن يكون ذكره منسياً ان كان أندلسياً، وإلا