وحين تحدث أفلاطون عن الحكم القائم على الطغيان بطريقة خاصة، أفاد أبن رشد أن حديثه على هذا النحو إنما جاء كلك لأنه رأى قصائد تمدح الطغاة، ثم أردف لك بقوله: " وقد رأيت كثيراً من الشعراء وممن نشأوا في تلك الدول يؤثرون هذا النوع من الحكم، يظنونه الهدف الأسمى وأن في روح الطغيان تفوقاً وهم ينصاعون لذلك الحكم " (?) .
لعل أبن رشد لم يضف شيئاً كثيراً هنا إلى ما قاله أفلاطون، ولكن ارتباط ذهنه دائماً بالواقع في الشعر العربي مما يلفت النظر، سواء أكان ذلك في تفسيره لكتاب الشعر أو في تعليقاته على ما جاء في الجمهورية، وقد كان في كل ذلك خاضعاً لمنهجه العام، وهو ربط الآراء الفلسفية بما يجده في الواقع عامة، لا في الشعر وحده، ولهذا تجده يبارح التلخيص في الجمهورية مثلاً ليربط بين ما يقوله أفلاطون وما يعرفه من واقع عصر المرابطين في السياسة (?) أو مما صنعه أبن غانية (?) . وهو في كشفه لنقائص الشعر العربي بالنسبة للجمهورية يعيد الموقف الذي وجدناه عند مسكويه " (?) .