ابن رشد أولاً متابعاً لأفلاطون أن المحاكاة كانت تتم لدى الأقدمين بالصوت والشكل (الصورة) ثم تحولوا إلى المحاكاة بالكلمات إذ هذا النوع من المحاكاة أكثرها مناسبة لفن الشعر، ويعلق أبن رشد على هذا قائلاً " وغالباً ما يتبع الشعراء العرب هذه الطريقة الأخيرة في المحاكاة أي المحاكاة التي تتم عن طريق الكلمات " وبعد أن يورد رأي أفلاطون في إبعاد حماة الجمهورية (Guardians) عن المحاكاة جملة إذ الإنسان منوط باستكمال فعالية واحدة في تلك الجمهورية، يميز بين أنواع القابليات فيقول إن بعض الناس مهيأون بالطبع لإجادة " الهجاء " Satire بينما آخرون مهيأون للرثاء فقط كما روي عن أبن العجاج (?) الذي كان يستطيع أن يمدح فقط ولا يستطيع أن يهجو. وبما أن المحاكاة تصبح طبيعة ثانية فإنه لابد أن يمنع " الحماة " من محاكاة أعمال النساء وأصواتهن في مختلف شئون الحياة ولا أن يحاكوا الدباغين أو غيرهم من ذوي الحرف؟. وهنا يعلق أبن رشد بقوله: " قلت: لابد من أن تستبعد القصائد التي تجري على سياق ما عرف لدى العرب من وصف هذه الأمور ومن محاكاة أمور مماثلة لها " (?) . ويشفع ذلك بقوله: " لكل هذه الأسباب ليس من المناسب أن نسمح للشعراء في هذه الجمهورية بمحاكاة كل شيء، لأسباب عدة، أولها أن عمل المحاكي يجيء حسناً إذ أقتصر المرء على المحاكاة ضمن مقولة واحدة كما هي الحال في الفنون والصنائع، وثانيها أنه ليس من اللائق أن نسمح بمحاكاة الأشياء الحقيرة أو محاكاة ما ليس له تأثير (؟) (?) على قبول الأمور ورفضها كما هي الحال لدى كثير من القصائد العربية، التي يعد وجودها في الجمهورية بوصف حكايات النساء (؟) وطريقة تحسينها وبعامة القيم الأخلاقية " (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015