الأولى ونكب عن الطريقة المثلى وجعل الجد هزلاً والصعب سهلاً " وتعليل ذلك عنده أن أبا نواس وظهر وقد انحلت أسباب العربية وملت الفصاحة، فنزل بالشعر إلى مستوى الإفهام في عصره فرغب الناس في شعره " وشغفوا بأسخفه وكلفوا بأضعفه " وهو قادر على الشعر القوي، ولكنه عني بما يتفق في سوق الجماهير يومئذ " فشعر أبي نواس نافق عند هذه الأجناس، كاسد عند أنقد الناس "، وقد فطن أبو نواس نفسه إلى ذلك فحاول أن يستدرك ما فاته بالطرديات؛ وعلى الجملة فإن من شاء نقده بحق، وجد الناس ضده لأنهم يتعلقون بخفة روحه وسهولة كلامه الملحون (?) . وهذا حكم جديد على أبي نواس، يخالف ما عهدناه من آراء النقاد، ولا أحد ينكر أن في شعر أبي نواس شيئاً كثيراً من السخف والمجون واعتماد الأسلوب السهل الذي يبلغ في سهولته حد الركاكة أحياناً، ولكن شتان بين ما يقوله أبن شرف وبين قول القاضي الجرجاني بأن في شعره تفاوتاً؛ ذلك أن أبن شرف ينكر - من طرف خفي - أكثر شعره، سوى الطرديات، ويراه مسئولاً عن النزول بالشعر إلى مستوى العامة.
الاهتمام بشعراء المغرب والأندلس
ويتميز هذا القسم الأول بظهور شعراء المغرب فيه إلى جانب المشارقة، حين تحدث أبن شرف عن أبن عبد ربه وأبن هانئ وأبن دراج القسطلي وعلي التونسي؛ كما يتميز بالوقوف عند الصنوبري والخبزأرزي في سياق يضم أبا تمام والبحتري وأبن الرومي والمتنبي، بل ألمح إلى التهمة التي رددها أبن وكيع حين زعم أن المتنبي سرق معاني الخبزأرزي: " حتى أن بعض كبراء الشعراء أهتدم شيئاً من مبانيه، وأهتضم طرفاً من معانيه، وهو من معاصريه، فقل من فطن لمراميه " (?) . وتومئ أحكامه على أبن هانئ