آخذة بطرف مستطرف من أخبار الأدباء وذكر الشعر والشعراء " فدل على أن ما سمي باسم مستقل ليس إلا مقامة واحدة من عدد من المقامات (?) .لا نظن إنها دارت جميعاً حول الموضوعات النقدية.

قصور المقامة عن النقد

فإذا استثنينا المقامة الجاحظية لبديع الزمان وهي التي يدور قسم منها على نقد الجاحظ عددنا رسالة أبن شرف أول قالب نقدي في صورة مقامة طويلة. بطلها أسمه أبو الريان الصلت بن السكن بن سلامان؛ وقد كانت هذه النقلة إلى هذا القالب غير موفقة لأن المقامة في أساس مبناها تعتمد السجع، ولأنها - مهما تطل - سيقتصر النقد فيها على اللمح السريع، وخصوصاً إذا تذكرنا أن مقامة أبن شرف قد تعرضت بالنقد لما لا يقل عن أربعة وأربعين شاعراً (عدا شعر الغزل العذري الذين تحدث عنهم مجتمعين) . وربما لم يزد حديثه فيها عن بعض الشعراء على كلمات، وقد تكون هذه الكلمات غير ذات جدوى في باب النقد كقوله في الراعي " وأما الراعي عبيد فجيل على وصف الإبل، وشغله هواها عن الشعر في سواها، سوى التعلل بالنزر القليل فصار بالراعي يعرف ونسي ما له من الشرف " (?) .

نقده لأبي نواس

غير أن أبن شرف لم يلتزم أسلوب المقامة في جميع رسالته، بل وسع من أعطاف القول، فجاءت رسالته في قسمين واضحين: أولهما المقامة نفسها التي تحدث فيها عن الشعراء، والثاني: بيان سقطات عدد من الشعراء وبعض العيوب في الشعر، وعني في القسم الأول بإبراز أهم ما يتميز به كل شاعر في الشعر وفي غيره، على نحو تعميمي يتضمن الحكم والخبر على السواء؛ وقد أطال الوقوف في هذا القسم عند أبي نواس نسبياً فأبان أنه " ترك السيرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015