إلى أن الأساس الديني هام لديه في الحكم ولذلك تجده يقول فيه: " من رجل يستعين على صلاح دنياه بفساد أخراه، لرداءة عقله ورقة دينه وضعف يقينه. ولو عقل لم تضق عليه معاني الشعر حتى يستعين عليها بالكفر " (?) .

وهذه النظرة الدينية ستتضح في القسم الثاني من رسالته، ويتألف هذا القسم من مقدمة تحتوي على توجيهات عامة في النقد يشفعها ببيان عيوب شاعرين من كبار الجاهليين هما أمرؤ القيس وزهير، ثم بيان أنواع من العيوب تقع في الشعر:

توجيهات عامة في النقد

فمن توجيهاته العامة أن الناقد بحاجة إلى التأني الشديد قبل إصدار الحكم، أي أن هذا تحذير له من الاستسلام للتأثير الأول المباشر، فقد يسمع شعراً يملأ لفظه المسامع، ولكن عليه أن يتريث مفتشاً عما وراء ذلك من معنى: " فإن كان في البيت ساكن فتلك المحاسن " وقد يسمع أبياتاً ذات ألفاظ مبتذلة فعليه ألا يعجل باستضعافها فكم من معنى عجيب في لفظ مألوف مبتذل " والمعاني هي الأرواح والألفاظ هي الأشباح " فالقبح في المعنى أشد منه في اللفظ. كذلك على الناقد أن يحترز من الإعجاب بالقديم دون تمييز للجيد فيه من الرديء، وأن ينأى عن إصغار المعاصر، بل يحاول أن يضعف في نفسه التشبث بالقدم رجاء إنصاف المعاصرين، فإن التشبث بالقديم يكاد يكون صفة ملازمة للناس ذكرها القرآن الكريم في عده مواضع (?) .

سقوط امرئ القيس

وليس الحديث في هذه التوجيهات إلا مقدمة للكشف عن سقطات شاعر يعد رأس القدماء، يقدمه النقاد لقدمه ولحسناته حتى يخيل للمرء أنه لم يجئ في الشعر بسيئة؛ إن المماحكة بين أبن شرف وأبن رشيق تعود في هذا الموقف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015