الخواطر مثل مباكرة العمل بالأسحار عند الهبوب من النوم، لكون النفس مجتمعة لم يتفرق حسها في أسباب اللهو أو المعيشة أو غير ذلك مما يعييها؟ " (?) وهو إنما يردد في الشق الثاني من هذا الرأي نصيحة أبي تمام للبحتري، ويحاول تعليل ذلك.

وينقسم ما تبقى من كتابه في ثلاثة أقسام أكبرها فصول في أنواع البديع ثم في أغراض الشعر، ثم تجيء فصول نافعة في ثقافة الشاعر مثل الحديث عن الأنساب والوقائع والأيام وملوك العرب ومنازل القمر مع بعض فصول في الشعر نفسه كالمعاني المحدثة والسرقات وغير ذلك؛ وليس لبعض فصول القسم الثالث علاقة بالنقد. أما القسمان الأولان فقد كان دوران الحديث عنهما في كتب النقد السابقة قد سهل من مهمة ابن رشيق ولذلك فغن حديثه عن أنواع البديع لا يعدو الترتيب والتمثيل وإيراد ما اختلف فيه النقاد في المصطلح، وهو يتكئ هنا على الحاتمي (في العاطل وفي حليه المحاضرة) وعلى الرماني وقدامة. وفي موضوعات الشعر نجده لجا إلى نظرية قدامة في قيام المدح على الفضائل ثم على ما يتفرع عن ذلك عن تلك النظرية.

مميزات ابن رشيق

ولكن ابن رشيق يظل - رغم ذلك - متميزاً يستثير القارئ ويجذبه إليه، دون ملل، وسر هذا التمييز كامن في:

(?) طرافة التجربة: فهو يقترب من قلب القارئ بان يقص عليه تجاربه في الصنعة الشعرية، فمن ذلك قوله في كيفية عمل القصيدة: " والصواب أن لا يضع الشاعر بيتاً لا يعرف قافيته، غير أني لا أجد ذلك في طبعي جملة ولا اقدر عليه، بل أصنع القسيم الأول على ما أريده ثم التمس في نفسي ما يليق به من القوافي بعد ذلك فابني عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015