وأجاز للشاعر التظرف ببعض الألفاظ الأعجمية. ولكنه فصل بين الشعر من ناحية، والفلسفة وجر الأخبار من ناحية أخرى. فلم يسمح لهما بدخول الشعر إلا بقدر يسير: " وإنما الشعر ما اطرب وهز النفوس وحرك الطباع. فهذا هو باب الشعر الذي وضع له وبني عليه لا ما سواه " (?) .
المطبوع والمصنوع
وعندما تحدث عن ثنائية المطبوع والمصنوع لم يعرفهما وإنما قدر انهما قد أصبحا معروفين لكثرة ما دار حولهما من حديث نقدي، ثم اكتفى بالحديث عن بعض المطبوعين والصناع وختم الباب بشعر مطبوع لابن أبي الرجال يشبه شعر الأعراب، وفي أثناء ذلك يستوقفنا رأيه في ابن المعتز: " وما اعلم شاعراً أكمل ولا اعجب تصنعاً من عبد الله بن المعتز فإن صنعته خفية لطيفة لا تكاد تظهر في بعض المواضع غلا للبصير بدقائق الشعر، وهو عندي الطف أصحابه شعراً وأكثرهم بديعاً وافتناناً، وأقربهم قوافي وأوزاناً، ولا أرى وراءه غاية لطالبها في هذا الباب، غير أنا لا نجد المبتدئ في طلب التصنيع ومزاولة الكلام أكثر انتفاعاً منه بمطالعة شعر حبيب وشعر مسلم ابن الوليد لما فيهما من الفضيلة لمبتغيها، ولأنهما طرقا إلى الصنعة ومعرفتها طريقاً سابلة، واكثرا منها في أشعارهما تكثيراً سهلها عند الناس وجسرهم عليها " (?) .
الاستعداد النفسي ضروري لقول الشعر
وعاد إلى الموضوع القديم الذي أثاره بشر بن المعتمر في صحيفته ووضحه ابن قتيبة وهو الاستعداد النفسي لقول الشعر، والأمور المسعفة على إنعاش القريحة، وبعد ان عرض لنا طرق الشعراء في استجلاب الشعر، طالعنا برأي لعله هو رأيه الخاص إذ قال: " ومما يجمع الفكرة من طريق الفلسفة استلقاء الرجل على ظهره؛ وعلى كل حال فليس يفتح مقفل بحار