قراره الطبع. وسمكه الرواية، ودعائمه العلم، وبابه الدربة، وساكنه المعنى، ولا خير في بيت غير مسكون " (?) . وهذه الصورة تحوير تصويري لرأي الجرجاني، ومن صنفها قوله في الشاعر: " وغنما سمي الشاعر شاعراً لأنه يشعر بما لا يشعر به غيره فإذا لم يكن عند الشاعر توليد معنى ولا اختراعه، أو استظراف لفظ وابتداعه، أو زيادة فيما أجحف فيه غيره من المعاني، أو نقص مما أطاله سواه من الألفاظ. أو صرف معنى إلى وجه عن وجه آخر كان اسم الشاعر عليه مجازاً لا حقيقة، ولم يكن له إلا فضل الوزن وليس بفضل عندي مع التقصير " (?) ؛ وليس في القول من جدة فكرية، ولكنه جامع للآراء السابقة في عبارة موجزة، ولست على يقين من ان هذه العبارة نفسها لابن رشيق.
ثنائية اللفظ والمعنى
فإذا تناول ثنائية اللفظ والمعنى أورد بارة ابن طباطبا " اللفظ جسم وروحه المعنى " وبسطها على طريقة الحاتمي - دون أن يذكر الحاتمي في هذا الموضع غير انه سيعيد قولته في موضع آخر مقترنة بذكر اسمه (?) - ثم زاد على الحاتمي شيئاً جديداً تفصيلياً في تحليل الفكرة: فمرض اللفظ كالتشويه في الجسم أما اختلال المعنى كله (وهو الروح) فإنه يبقي اللفظ مواتاً لا فائدة فيه، ثم يمثل على الاحتفال باللفظ وحده بقعاقع ابن هانئ الأندلسي ويعلق عليها بقوله: " وليس تحت هذا كله إلا الفساد وخلاف المراد " (?) ، ومع هذا فإن موقفه غير واضح، وإن كان قد يستشف من تفضيله لابن الرومي وإيثاره له باسم (الشاعر " انه أتميل إلى جانب المعنى؛ وقد توصل في هذا المبحث من كتابه إلى القول بوجود ألفاظ شعرية لا ينبغي للشاعر أن يعدوها