بالشجاعة والسخاء وحسن الوجه والبهاء وهذا لا يدخل في الأخذ والسرقة إطلاقاً.

(2) اتفاق الشاعرين في تشبيهات معروفة كتشبيه الشجاع بالأسد والجواد بالبحر، وهذا قد مشترك بين الناس، قد استقر في العقول والعادات وليس فيه شيء من الخصوصية، وليس في هذا سرقة أو أخذ.

(3) اتفاق الشاعرين في ما لا يدرك إلا بالروية والاستنباط والتامل، وفي هذا تجوز دعوى السرقة أو الأخذ.

ولم يجيء عبد القاهر بجديد في هذا الباب، فهو يردد رأي المعتدلين من النقاد السابقين، ولكن عدم وقوفه طويلاً عند " السرقة " يدلنا على انه لم يكن يعد تلك الظاهرة أمراً أساسياً في النقد الأدبي.

استنكاره للعبث في الأمور الدينية

ولابد في ختام هذا الفصل من أن نقف وقفة قصيرة عند نظرة عبد القاهر إلى العلاقة بين الشعر والدين، لا من حيث اشتراكهما في التأثير بل من حيث تعمد الشاعر الاستهانة بالمعتقد الديني، ففي هذا المقام نجد عبد القاهر يمر بهذه المسالة مروراً سريعاً فيقول: " وأبعد ما يكون الشاعر من التوفيق إذا دعته شهوة الأغراب إلى أن يستعير للهزل والعبث من الجد (يعني الدين) " (?) ، ومع أن عبد القاهر قد خالف كثيراً من النقاد السابقين الذين رأوا أن لا يحكم على الشعر والشاعر من الزاوية الدينية، فإنه كان أصرح منهم موقفاً لأن أولئك النقاد وضعوا نظرية دفاعية خالفوها عند التطبيق، أما هو فإنه قد تحرج من إطلاق العنان لنفسه في خوض هذا الموضوع.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015