حكم العقل واللون التخييلي إلى نطاق العقلانية وما يستتبع ذلك لذة الكشف، ومن اجل هذا يشبه التخييل في الشعر من حيث قوة تأثيره بالرسوم الجميلة، " والتخييلات التي تهز الممدوحين وتحركهم تفعل فعلاً شبيهاً بما يقع في نفس الناظر إلى التصاوير التي يشكلها الحذاق بالتخطيط والنقش أو النحت والنقر " (?) .
أثر الشعر وأثر الدين في النفوس
وبعد أن يوحد الجرجاني بين الشعر والرسم في القدرة على التأثير، ينقل الشعر إلى حيز الدين والرموز الدينية، فيماثل بين أثره في النفوس وأثر الأصنام في عبادها: (فقد عرفت قضية الأصنام وما عليه أصحابها من الافتتان بها والإعظام لها، كذلك حكم الشعر فيما يصنعه من الصور ويشكله من البدع ويوقعه في النفوس من المعاني التي يتوهم بها الجماد الصامت في صورة الحي الناطق؟ " (?) ؛ وقد عرف عبد القاهر حين مثل الشعر بالرسم كيف ينقل رأي الجاحظ من ميدان التشابه في الخلق الفني إلى التشابه في التأثير، أما وصله بين الشعر والرموز الدينية عند الوثنيين فإنه خطوة جرئية؛ غير أن مفهومه للتخييل - رغم المقارنة بالرسم - يدل على انه لم يفهم منه سوى درجة من " الحيل " العقلية في التمويه.
موقفه من السرقات الشعرية
وآخر المشكلات النقدية التي تصدى لها عبد القاهر هي مشكلة الآخذ والسرقة (?) . وتوضيحاً لهذه المشكلة وجدناه يحدد مواطن الاتفاق فيحصرها في ثلاثة:
(?) اتفاق الشاعرين في عموم الغرض، كأن يصف كل منهما ممدوحه