أصحابها، بل أضاف إليها ما أسعفه به فهمه وتصوره. حتى عن مقدمته لتعد أنموذجاً جيداً في البناء الجديد على أسس قديمة.
المشكلة الثالثة، العلاقة بين النظم والنثر
وأضعف المشكلات الثلاث في مقدمته هي المشكلة الثالثة؛ لأنها محاولة لتفسير ظاهرة عملية تتفرع في ثلاثة فروع: (أ) المفاضلة بين الشعر والنثر (ب) السبب في قلة البلغاء وكثرة المفلقين (ج) السبب في قلة البلغاء وكثرة الشعراء؛ وقد عاد المرزوقي إلى تلك الخصومة التي عرضها المتفلسفون من نقاد القرن الرابع في المفاضلة بين الشعر والنثر، فذهب إلى ان النثر افضل، مستدلاً على ذلك بان الخطابة كانت لدى الجاهلين أهم من الشعر وانهم كانوا يأنفون من الاشتهار بالشعر ويعده ملوكهم دناءة (وهي قضية سيتصدى لها ابن رشيق بالرد) ، كذلك فإن الشعراء حطوا من قيمة الشعر بتعريضهم للسوقة حتى قيل " الشعر أدنى مروءة السري وأسرى مروءة الدني " (وهو موقف سينقضه ابن رشيق أيضاً) ، وثالث الأدلة على شرف النثر إن الإعجاز بالقرآن لم يقع بالنظم، ولهذه الأسباب كان النثر ارفع شأناً من الشعر ومن ثم تأخرت رتبة الشعراء عن الكتاب (?) ، وقد شهدنا نظائر لهذه التعليلات عند نقاد القرن الرابع، وهي محاولة لتفسير ما كان سائداً في المجتمع من رفعة الكاتب وانخفاض شأن الشاعر، ولكنها لا تتصل عند المرزوقي بالفكرة الفلسفية المحرفة عن صدق الخطابة وكذب الشعر.
ويعلل المرزوقي قلة المترسلين وكثرة المفلقين بالفرق بين مبنى الترسل ومبنى الشعر: وخلاصة رأيه في هذه المسألة الدقيقة إن مبنى الترسل فيه " استرسال " لابد من تحقيقه بحيث تصبح القطعة النثرية وحدة كاملة تقبلها الأفهام جميعاً على اختلافها وتباينها، أما الشعر فإنه لا يكلف صاحبه هذا