- 2 -
نظرية عمود الشعر في صورتها المكتملة
حين كتب المرزوقي (- 421) مقدمة على شرحه لحماسة أبي تمام كانت القضايا التي يود أن يعالجها واضحة تمام الوضوح أمام عينيه، مثلما كان تمثله للنظريات النقدية التي تصدى لها نقاد القرن الثالث والرابع تمثيلاً دقيقاً سليماً، ولذلك كتب في النقد الأدبي مقالة عن نظيرها، تنم عن ذكاء فذ وفكر منظم.
المشكلات النقدية الكبرى
لقد رأى المرزوقي أن المشكلات التي تسمح له بالخوض فيها مقدمة موجزة على شرح مجموعة من الشعر لا تتعدى ثلاثاً كبرى، تتفرع عن كل منها فروع: الأولى: مشكلة اللفظ والمعنى وأنصار كل منهما، والثانية: مشكلة الاختيار، والثالثة: مشكلة العلاقة بين النظم والنثر. وكان قد أطلع على مشكلة العلاقة بين النظم والنثر. وكان قد اطلع على آراء ابن قتيبة وابن طباطبا وقدامة والجرجاني (وربما الآمدي) ، ولا استبعد ان يكون قد قرا الصاحبي لابن فارس، ولكنه لم يأخذ من آرائهم إلا ما تفرضه حدود موضوعه، وتجنب كثيراً من آرائهم القيمة لأنه لا يريد أن يتجاوز ما رسمه لنفسه.
وربما بدا لأول وهلة أن المرزوقي عاد يكرر الثنائيات السابقة: من مثل اللفظ والمعنى والصدق والكذب والطبع والتكلف، وما اشبه، ولكن هذه الثنائيات كانت تقتضيها طبيعة مقدمته أولاً، ثم إنه لم يمض عنها حيث تركها