تلقاء نفسه، ولم يقتطعه، ولا ألقى إلى الناس عن القوة الإلهية شيئاً على ذلك النهج المعروف، بل ترفع عن كل ذلك، وخص في عرض ما كانوا يعتادونه ويألفونه بأسلوب حير كل سامع؟ " (?) .
أثر اختلاف الألفاظ واتفاق المعاني في النفس
واشتق التوحيدي من صلة جرس اللفظ بالحس وصلة المعنى بالعقل سؤالاً جديداً، فسال ابا بكر القومسي - أحد تلامذة يحيى بن عدي، وكان أبو بكر هذا كبير الطبقة في الفلسفة - " ما معنى قول بعض الحكماء: الألفاظ تقع في السمع فكلما اختلفت كانت أحلى، والمعاني تقع في النفس فكلما اتفقت كانت أحلى " فكان جواب القومسي يدور على مفهوم التبدد (التكثر) والتوحد، فالحس من صفاته التبدد وهو تابع للطبيعة، فاختلاف الألفاظ يوافق خاصة التكثر في الحس؛ والنفس متقبلة للعقل، فكلما ائتلفت حقائق المعاني عند ورودها على العقل وافقت نزعة التوحد، وكانت انصع وأبهر (?) .
جواب أبي سليمان عن ماهية البلاغة
ويبدو ان أبا حيان لم يقرأ كتاب الخطابة لارسططاليس وإن كان يعلم انه أحد كتاب الفيلسوف، وأراه حين سال أستاذه أبا سليمان عن ماهية البلاغة كان يعتقد ان أبا سليمان سيجيبه مستمداً من اطلاعه على ما قاله اليونان إذ " بحثوا عن مراتب اللفظ واللفظ وطبائع الكلمة والكلمة موصلة ومفصلة وخواتيم (هي) أحق ما اعتمد " ولكن أبا سليمان اكتفى بقوله " هي الصدق في المعاني مع ائتلاف الأسماء والأفعال والحروف وإصابة اللغة، وتحري الملاحة والمشاكلة، برفض الاستكراه ومجانبة التعسف " (?) . ولو