وحاولوا الحجاج فيه، ولذلك سال صيقه مسكويه عن مرتبة كل منهما فكان مجمل جوابه: أن النظم يزيد على النثر بالوزن فهو أفضل من هذه الجهة، أما إذا اعتبرت المعاني فأنها مشتركة بينهما " وليس من هذه الجهة تميز أحدهما من الآخر، بل يكون كل واحد منهما صدقاً مرة وكذباً مرة وصحيحاً مرة وسقيماً أخرى " (?) .
أيهما أشد تأثيراً في النفس الشعر أم النثر وسبب تفاوتهما في الإطراب
ثم حدد أبو حيان هذا السؤال على نحو ادق، فبدلاً من أن يسال عن أفضلية أحدهما على الآخر ألقى على أستاذه أبي سليمان سؤالاً حول أشدهما تأثيراً في النفس، فكان جواب أبي سليمان شبيهاً بما قاله عيسى الوزير، حين قال: " النظم أدل على الطبيعة لان النظم من حيز التركيب، والنثر أدل على العقل لان النثر من حيز البساطة وإنما تقلبنا المنظوم بأكثر مما تقبلنا المنثور لانا للطبيعة أكثر منا بالعقل، والوزن معشوق للطبيعة والحس، ولذلك يفتقر له عندما يعرض استكراه في اللفظ، والعقل يطلب المعنى، فلذلك لاحظ للفظ عنده وإن كان متشوقاً معشوقاً " (?) . وكان مفهوم التركيب والبساطة، أو التكثر والوحدة مفزع أبي سليمان المنطقي كلما سئل عن تصوره لأثر الشعر والنثر، ولذلك نجده يلجأ إلى هذا المفهوم عندما أعاد عليه التوحيدي السؤال في صيغة أخرى وقال: " لم لا يطرب النثر كما يطرب النظم؟ " فقال في الجواب " لأننا منتظمون (أي ذوو تركيب) فما لاءمنا أطربنا، وصورة الواحد (أي الوحدة) فينا ضعيفة ونسبتنا إليه بعيدة " (?) ، وخلص المنطقي من هذا إلى تعليل الأعجاز في القرآن بان صاحب الرسالة " غلبت عليه الوحدة فلم ينظم من