أبو حيان التوحيدي وأصحابه من مفكري القرن الرابع
ذوق أبي حيان وثقافته وصلتهما بالنقد الأدبي
كان أبو حيان يجمع إلى ذوقه الدقيق في إدراك الجمال في النثر والشعر اطلاعاً على ما كتب في النقد الأدبي، فقد قرأ نقد الشعر للناشئ وعيار الشعر لابن طباطبا ونقد الشعر والكلام الخالص بالنثر في كتاب الخراج لقدامه، وعرف الكتب التي تتصل بعض مادتها بالنقد الأدبي ككتب الجاحظ والمرد وابن قتيبة وابن المعتز، وكان مهيأ بحكم ذلك الذوق النافذ والإطلاع الواسع ليكون في طليعة النقاد، ولكنه، لأمر ما، كان يتهيب النقد أو كما يسميه علم " الكلام على الكلام " ويحس بصعوبته: لان " الكلام على الكلام؟ يدور على نفسه، ويلتبس بعضه ببعض، ولهذا شق النحو وما أشبه النحو من المنطق، وكذلك النثر والشعر " (?) ؛ وهو يحكم إمعانه في النثر كان يحب الشعر محبة المتذوق له. ولذلك فإنه أعتذر عن نقد الشعراء المعاصرين حين سأله الوزير أبن سعدان أن يصف له ما تميز به كل واحد منهم فقال: " لست من الشعر والشعراء في شيء، وأكره أن أخطو على دحض وأحتسي غير محض " (?) ، إلا أنه من خلال هذا التواضع لم يكن يهدف إلا إلى تقديم العذر وحده، فأما معرفته بالشعر والشعراء فقد تجاوزت حدود ذلك التواضع بكثير، وهو رغم صعوبة الكلام على الكلام أيضاً كان يزمع أن يكتب رسالة مستقلة في هذا الموضوع (?) ، ولكنا لا ندري هل وفى بوعده أو لم يف.