مجالات جهود أبي حيان في النقد
وإذا استثنينا هذه الرسالة وجدنا جهد التوحيدي في النقد، رغم انه جهد عارض، قد تناول ثلاثة مظاهر:
(أ) إرسال أحكام الموجزة حول الشعراء والكتاب المعاصرين.
(ب) تقرير أصول البلاغة نظرياً وتطبيقها عملياً.
(ج) استثارة المعاصرين إلى الإجابة عما يتعلق بالمشكلات النقدية.
(أ) إرسال الأحكام الموجزة حول الشعراء والكتاب المعاصرين:
تناولت أحكام التوحيدي عدداً من أدباء عصره، فمن الشعراء: السلامي والحاتمي وابن جلبات والخالع ومسكويه وابن نباتة وابن حجاج. وإنما خص هؤلاء لأن المقام كان يستدعي الحديث عن شعراء بغداد دون غيرهم، وكانت ملاحظاته مجملة، تنبني عما كونه من رأي في كل واحد منهم بعد أن عرف شعره، ومن ذلك قوله: " أما السلامي فهو حلو الكلام متسق النظام كأنما يبسم عن ثغر الغمام، خفي السرقة لطيف الأخذ واسع المذهب لطيف المغارس، جميل الملابس، لكلامه ليطة بالقلب وعبث بالروح وبرد على الكبد، وأما الحاتمي فغليظ اللفظ كثير العقد، يحب أن يكون يدوياً قحاً وهو لم يتم حضرياً، غزير المحفوظ، جامع بين النظم والنثر، على تشابه بينهما في الجفوة وقلة السلامة، والبعد عن المسلوك، بادي العورة فيما يقول: لكأنما يبرز ما يخفي ويكدر ما يصفي، له سكرة في القول إذا أفاق منها خمر وإذا خمر سدر، يتطاول شاخصاً فيتضاءل متقاعساً، إذا صدق فهو مهين، وإذا كذب فهو مشين " (?) ؛ وقد يبدو هذا الكلام مرسلاً لأنه غير مؤيد بالشواهد، مثلما يتحمل الخلط بين تقدير أبي حيان