دراسة الشعر. واكتفى بهذا الموقف النظري، وقد جاء بنظرات تصلح أسساً للفهم العميق، كالتفرقة الارسططاليسية بين الشعر والخطابة، والمفاضلة بين المحاكاة والوزن في الشعر.

تعريف الطراغوذيا والقوموذيا

أما تعريفه لطراغوذيا وقوموذيا ففيه شيء يسير من حديث أرسططاليس وأكثره يدل على اختلاط المفهومات في ذهن الفارابي. فقوله في الطراغوذيا إنه نوع من الشعر له وزن معلوم. كلام صحيح؛ وقوله: " يلتذ به كل من سمعه من الناس أو تلاه " فإنه ينظر إلى قول ارسطو في المأساة " وإذ ليس لنا أن نتطلب في المأساة كل نوع من اللذة ولكن لنا أن نتطلب فيها كل لذة واقعة في نطاق الفن التراجيدي " (?) وأما إشارته إلى اللذة عن طريق التلاوة فقد ذكره ارسطو في قوله: " وبان المأساة قادرة على أن تبلغ غايتها دون حركة أو تمثيل؟. فنحن نستطيع أن نحكم على الرواية ونتبين خصائصها بالقراءة " (?) وقوله: " يذكر فيه الخير والأمور المحمودة " فإنه ترجمة لفكرة ارسططاليس عن أن الشخصية يجب ان تكون خيرة (?) . وأما قوله " يمدح بها مدبرو المدن " فهو ينظر إلى نشأة المأساة على شكل مدائح وترانيم إلهية. وأما غناء الموسيقاريين بها بين يدي الملوك فلعله يشير إلى هذه النشأة أو لعله إشارة إلى الجوق. ومن هذا يتضح لنا أن الفارابي لم يخطئ الفهم ولكن قصر به التصور عن الطبيعة الدقيقة للمأساة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015