ولكل شاعر من هذه الفئات الثلاث وجهة يتميز فيها بحيث يصدر فيها عن طبع، فمن جبل على المدح صدر منه ذلك عن طبع ولكن ربما اضطر في بعض الأحوال إلى قول الهجاء، فيكون قوله له عن قهر، والاحمد أن يكون صدور الشعر عن طبع (?) .
العوائق النفسية تحول دون قول الشعر
وقد تعترض الشاعر عوائق عن قول الشعر: يرجع بعضها إلى " الكيفيات النفسية " وترددها بين القوة والفتور، كما ان بعض العوائق تكون في الشيء المحكي أي الأمر نفسه، لان علاقة المحاكاة قد تكون خافية. وكثيراً ما يجيء المتخلف في الصناعة بشيء فائق يعسر على العالم بالصناعة الإتيان بمثله وذلك أمر يحدث اتفاقاً (?) .
الأخطار ببال السامع وفائدته في الشعر
وتتفاوت جودة التشبيه، فقد تكون بين أمرين قريبين، وربما أوحد الحاذق المشابهة بين شيئين متباينين، فإذا كان إليه قريباً بين أوب وقريباً أيضاً بين ب وج فغن الحاذق يستطيع ان يخطر ببال السامع أن هناك شبهاً بين أوج (?) . والأخطار ببال السامع ذو فائدة عظيمة في صناعة الشعر (لأنه من قبيل تهيئة النفس) " مثلما يفعله بعض الشعراء في زماننا من انهم إذا أرادوا ان يضعوا كلمة في قافية البيت ذكروا لازماً من لوازمها أو وصفاً من أوصافها في أول البيت فيكون لذلك رونق عجيب " (?) .
تلك هي الآراء التي جاء بها الفارابي مقتبساً أو مفسراً أو مجتهداً، وهو لم يحاول - فيما نعرف - أن يبذل جهوداً تطبيقية في