الصدق - يسبب الاتجاه العقلي - أساس الشعر
وما دام الفهم هو منبع الشعر ومصبه، فلا غرابة أن يجعل ابن طباطبا عنصر " الصدق " أهم عناصر الشعر وأكبر مزاياه؛ لان هذا الصدق صنو للاعتدال الجمالي في حرم الفهم: " والفهم يأنس من الكلام بالعدل الصواب الحق؟. ويستوحش من الكلام الجائر الخطأ الباطل " (?) ، فالجمال والحق (أو الصدق) مترادفان هنا في الدلالة، فهذا الصدق يعني السلامة التامة من " الخطأ " في اللفظ و " الجور " في التركيب و " البطلان " في المعنى، أي هو أن يتمتع الشعر بالاعتدال بين هذه العناصر جميعاً، فإذا هو بسبب هذا الصدق شيء جميل، لان " ميزان الصواب " قبل ما فيه من لفظ ومعنى وتركيب.
ضروب الصدق ومواطنه في الشعر وأزمة الشاعر المحدث بالنسبة للصدق
ذلك هو الصدق في محمله العام، ولكنه لابد من أن يتحقق أيضاً في الفنان نفسه وفي بعض عناصر العمل الفني، ولهذا كانت لفظة الصدق متفاوتة الدلالة عند ابن طباطبا:
(?) فهناك الصدق عن ذات النفس بكشف المعاني المختلجة فيها والتصريح بما يكتم منها والاعتراف بالحق في جميعها (?) ، وهذا يشبه ما نسميه " الصدق الفني " أو " إخلاص " الفنان في التعبير عن تجربته الذاتية.
(?) وهناك صدق التجربة الإنسانية عامة وهذا يتمثل في قبول الفهم للحكمة " لصدق القول فيها وما أتت به التجارب منها " (?)