أولئك ولا يربي عليها لم يتلق بالقبول وكان كالمطروح المملول " (?) ، فإذا شاء هذا الشاعر المحدث أن يأتي بما يحظى بالقبول كان لابد له من التدقيق في الصنعة أضعاف ما كان يمارسه منها الشاعر القديم.

قلة المعاني لدى الشاعر المحدث وطريقته في تحصيلها

ومن ىمن بان مجال المعاني قد ضاق على الشاعر المحدث فلا بد له من قانون للأخذ والسرقة، وقانون ابن طباطبا شبيه بما ذكرنا عن غيره من النقاد في القرن الثالث: " وإذا تناول الشاعر المعاني التي قد سبق إليها فأبرزها في أحسن من الكسوة التي عليها لم يعب بل وجب له فضل لطفه وإحسانه فيه " (?) . كيف يمكن للشاعر أن يأخذ المعنى من غيره بحيث يخفى أخذه على النقاد؟ إن من يعلم الشاعر كيف يصنع قصيدته بيتاً بيتاً بل كلمة كلمة لابد له من ان يعلمه طريقة من السرقة لا يناله فيها الحد: على الشاعر ان يستعمل " المعاني المأخوذة في غير الجنس الذي تناولها منه، فإذا وجد معنى لطيفاً في تشبيب أو غزل استعمله في المديح، وغن وجده في المديح استعمله في الهجاء، وغن وجده في وصف ناقة او فرس استعمله في وصف الإنسان، وغن وجده في وصف الإنسان استعمله في وصف بهيمة، فإن عكس المعاني على اختلاف وجوهها غير متعذر على من احسن عكسها واستعمالها في الأبواب التي لا يحتاج إليها، وإن وجد المعنى اللطيف في المنثور من الكلام أو في الخطب والرسائل فتناوله وجعله شعراً كان أخفى واحسن " (?) . وتعود صورة الجوهري الصائغ إلى ذهن ابن طباطبا فيشبه هذا الأخذ بعمل الصائغ الذي يذيب الحجر الكريم ويعيد صياغته بأحسن مما كان عليه " فإذا أبرز الصائغ ما صاغه في غير الهيئة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015