وعلى الرغم من إدعاء الصميل أنه قد فكر في الأمر وتروى فيه، يبدو أنه لم يكن متاكداً تماماً من موقفه إزاء عبد الرحمن بن معاوية. فيُروى أنه حينما أعطى جوابه إلى زعيمي الموالي في ذلك الصباح، كان قد استيقظ وهو كاره ليوسف الفهري، ولم يكن يعي تماماً خطورة موافقته على دخول عبد الرحمن (?). ولهذا فبعد أن غادره أبو عثمان وعبد الله بن خالد، فكر الصميل أكثر بالأمر ودرس نتائجه الخطيرة، وماذا سيكون من أمر القبائل العربية في الأندلس، بل ماذا سيكون من أمره هو، لأنه بالتأكيد أول من سيفقد نفوذه القوي وزعامته للبلاد. وما أن أدرك الصميل ذلك، حتى بادر بإرسال أحد خدمه ليطلب إلى الزعيمين الأمويين التوقف، وذهب إليهما بنفسه، وأخبرهما عن تغيير رأيه إزاء قضية عبد الرحمن بن معاوية. وقد أوضح لهما موقفه قائلاً: بأنه قد فكر بالأمر، وتوصل إلى أنه لا يتمكن من تأييده، لأنه، أي عبد الرحمن بن معاوية، من أسرة قوية يكفي أي فرد منها أن يطغى بنفوذه على كل زعماء الجزيرة، وبضمنهم الصميل نفسه. كما لفت انتباههما إلى أنهم ملزمون جميعاً بطاعة يوسف الفهري الذي يخضع دوماً إلى آرائهم، وينفذ مطالبهم. واختتم الصميل حديثه معهم بالقول بأنه سيكون أول من يسل سيفه على عبد الرحمن ويحاربه ولكنه، مع ذلك، على استعداد لإعانته في أمره إن طلب غير السلطان والولاية، وإنه سيضمن له مواساة يوسف وإكرامه له وتزويجه من ابنته (?).
الاتصال بزعماء القبائل اليمنية ونجاح دعوة عبد الرحمن:
بعد أن فقد زعيما الموالي الأمل في مساعدة الصميل، وبالتالي مساعدة جندي قنسرين ودمشق، لم يكن أمامهما سوى الاتصال بجماعة اليمنيين الذين كانوا يضمون الكثير من البلديين الأوائل، ومعظم رجال الأجناد في حمص والأردن وفلسطين. ومن هنا ففي طريق عودتهما إلى بلدهما، فاتحا كل من يوثق به من الزعماء اليمنيين، ودعوهما إلى تأييد مشروعهما بتحويل الحكم في الأندلس إلى عبد الرحمن بن معاوية. وقد نجحا في ذلك نجاحاً كبيراً، وكانت استجابة اليمنيين مشجعة جداً. ويعود السبب في ذلك إلى أن اليمنيين كانوا منذ هزيمتهم في شقندة يتحينون الفرصة للانتصاف لأنفسهم من الصميل ويوسف. يضاف إلى ذلك، امتعاضهم من إدارة الصميل ويوسف