الموالي، وهو عبد الله بن خالد، يشك في مساعدة الصميل في تحقيق مشروع عبد الرحمن بن معاوية، لأن أي تغيير في نظام الحكم القائم في الأندلس سيجرد الصميل من قوته ونفوذه في البلاد. ولهذا السبب فقد قرروا أنه من الأفضل إخفاء غرض عبد الرحمن الحقيقي في طلب السلطة، والاكتفاء بشرح الحالة للصميل قائلين أن عبد الرحمن لا يريد إلا الحماية والأمان، واستعادة أملاك الخمس التي تعود إلى جده هشام ابن عبد الملك (?).

موقف الصميل من قضية عبد الرحمن بن معاوية:

وكان الصميل في هذه الأثناء محاصراً في سرقسطة من قبل بعض المجموعات العربية التي قامت بالتمرد على إدارة الصميل ويوسف المشتركة، بقيادة عامر بن عمرو العبدري، والحبحاب بن رواحة الزهري. وقد ضاق الأمر على الصميل ولم يستطيع يوسف الفهري أن ينجده لضعف أمره في قرطبة، بسبب الجفاف والجوع الذي حل في البلاد حتى إنه لم يعد يستطيع الخروج والركوب إلا بنحو خمسين رجلاً من حرسه فقط. فاضطر الصميل إلى طلب النجدة من جماعته وأبناء جنده في كورتي قنسرين والبيرة. ولكي يقدم الموالي يداً للصميل، ساهموا في الحملة التي خرجت من هذين الجندين لنجدته في سرقسطة. وإن هذه المساهمة، بطبيعة الحال ستتيح لهم الفرصة لمقابلة الصميل وعرض أمر عبد الرحمن بن معاوية عليه. فساروا بثلاثين فارساً يصحبهم بدر مولى عبد الرحمن، حيث نجحت الحملة في فك الحصار عن الصميل الذي سر سروراً عظيماً بمنقذيه، وكان هؤلاء الموالي، وبدر أيضاً من جملة الذين نالوا مكافأة الصميل المجزية. وقد باح زعماء الموالي الثلاثة إلى الصميل بسرهم أثناء عودتهم إلى قرطبة، وطلبوا مشورته، قائلين بأنهم سيكونون تبعاً لرأيه، وذلك بالموافقة على أي أمر يقبل به والامتناع عما يرفضه. فلم يجبهم في أول الأمر، ووعدهم بالتفكير في المسألة، لكنه لم يلزم نفسه بأي شيء قبل أن يصل قرطبة. ورجع الموالي إلى مناطق سكناهم في البيرة وجيان، وانتظروا هناك بضعة أشهر حتى كانت لهم الفرصة لرؤية الصميل مرة أخرى. وفي أثناء ذلك الوقت عاد بدر إلى سيده في شمال أفريقيا ليعلمه بنتائج رحلته إلى الأندلس (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015