الجيش في الشمال الإسباني يتبين لنا أن معظمه قد فتح صلحاً، وأن معاقله الحصينة فتحت أبوابها للمسلمين دون مقاومة، ما عدا بعض المدن الواقعة على البحر قاومت الفتح، وارتضوا دفع الجزية وعاشوا بسلام في ظل الحكم العربي، عكس ما رأيناه في جنوبي الأندلس حيث بذل الفاتحون طاقات كبيرة في فتح مدنه، حيث بقي موسى بن نصير أكثر من عام يفتح أو يعيد فتح المدن في جنوبي الأندلس قبل أن يلتقي مع قائده طارق بن زياد قرب طليطلة (?).
كما أن أراضي الشمال الإسباني والتي حددت بالأراضي الواقعة شمالي نهر الوادي الكبير (?)، فقد فتحت صلحاً ورضي أهلها بدفع الجزية والعيش بسلام في ظل حكم العرب كما بيّنا، أما الأراضي الجنوبية فتعتبر أرض عنوة، أي فتحت بالحرب، فوزعت على المحاربين وأعطيت لهم سجلات بتمليكها (?). أما فيما يخص سكن المسلمين في أراضي الشمال الإسباني، أرض الصلح، فقد أشار المقري بقوله: " وكان العرب والبربر كلما مر قوم منهم بموضع استحسنوه حطوا به ونزلوه قاطنين " (?)، ويعني هذا أنهم استقروا خاصة في المناطق التي تعد غير مأهولة بالسكان، وزاولوا فيها الزراعة، ويبدو أنهم كانوا يؤدون العشر إلى الدولة (?).
ومنذ بداية عصر الولاة 95 - 138 هـ تدخل الجيش في أمر إدارة الأندلس، عندما قام قادة الجند بقتل والي الأندلس عبد العزيز بن موسى عام 97 هـ، وولوا مكانه أيوب ابن حبيب اللخمي (?). الذي لم ينعم بالولاية طويلاً، فاستبدل بالحر بن عبد الرحمن الثقفي (97 - 100 هـ) الذي وصل إلى قرطبة ومعه أربعمئة رجل، وأول عمل قام به إصلاح الجيش ومطاردة المعتدين من الجند واتبع معهم سياسة شديدة الوطأة (?).
ويبدو أن عملية اصطحاب الأتباع كلما يأتي والٍ إلى الأندلس، مع اهتمامه في إصلاح شؤون الجيش أصبحت خطة ثابتة خلال عصر الولاة، لأن بقاء المسلمين في الأندلس