كان متوقفاً على قوة الجيش ومدى مقارعته للأعداء من الإسبان في الشمال، أو المتمردين في داخل الولاية.

وبذلك أصبح الاهتمام بالجيش -وهو جيش غير نظامي قائم على إمداد القبائل العربية والبربرية حكومة الوالي بالرجال عند الجهاد- وتنظيم رجاله من أولى الأعمال المهمة التي يقوم بها والي الأندلس، فنرى مثلاً اهتمام عبد الرحمن الغافقي في ولايته الثانية بالجيش، وعني بإصلاحه وتنظيمه، وأنشأ فرقاً قوية مختارة من فرسان البربر بإشراف نخبة من ضباط العرب (?). وهذا ما مكنه من قيادة الجيش عبر الأراضي الفرنسية فكانت موقعة بلاط الشهداء المعروفة عام 114 هـ.

ومن الأمور الأخرى التي يمكن ملاحظتها خلال عصر الولاة، أن الولاة الذين حكموا الأندلس بعد معركة بلاط الشهداء عام 114 هـ، يصطحبون معهم جيشاً منتخباً من جند أفريقيا لتعزيز حكمهم أولاً، ولإخماد حركات التمرد في الشمال الإسباني ثانياً.

والظاهرة الأخرى التي برزت في عصر الولاة، هو قيام الكور المجندة، وهي الأماكن التي وزع فيها الجيش الشامي (جيش بلج بن بشر القشيري)، بعد أن لعب الوالي بلج دوراً كبيراً في أحداث ولاية الأندلس المعروفة، وفي عهد الوالي أبي الخطار حسام بن ضرار الكلبي (125 - 127 هـ) فرق الجند الشامي في الكور مقابل أن يؤدوا خدمة عسكرية (?)، وقد حرص الوالي أبو الخطار في هذا التوزيع على أن تكون الكور التي ينزلون بها مشابهة إلى حد كبير للأماكن التي جاءوا منها من المشرق، ولعل ذلك محاولة من هذا الوالي لبعثرة طاقاتهم بعد أن رأى خطرهم يكمن في وجودهم بمنطقة واحدة (?). فأنزل أهل حمص في مدينة إشبيلية، وأهل دمشق أنزلهم غرناطة، وأهل الأردن أنزلهم مالقة، وأهل مصر أنزلهم مرسية (تدمير)، وأهل قنسرين أنزلهم جيان، وفرض على كل قبيلة أن تجبي غلة تلك الناحية التي نزلت فيها، وتأخذ عطاءها منها والزيادة لبيت المال (?). وتعهدت حكومة الولاية بعدم التدخل في شؤونهم أو شؤون الإقليم (?).

وما يلاحظ كذلك في عصر الولاة، أن قادة جيوش الثغور زجوا أنفسهم في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015