وفي هذه الفترة دخل الأندلس المذهب الشافعي، ويرجع دخوله إلى الفقيه قاسم بن محمد بن سيار القرطبي (توفي عام 278 هـ) (?). ونشطت كذلك مدرسة ابن مسرة في هذه الفترة، وما يليها من عصور، كما سنوضح ذلك. ونشطت العلوم الطبية في هذه الفترة، ومن أشهر الأطباء (ابن ملوكة النصراني) الذي كان يصنع الأدوية بنفسه، ويفصد العروق، وكذلك (إسحاق الطبيب) (?).

أما عصر الخلافة الأندلسية 300 - 422 هـ، فهو عصر النضوج للعلوم والفكر الأندلسي، ونظراً لطول هذه الفترة أولاً، ولتسهيل دراسة الفكر الأندلسي خلال هذا العصر ثانياً، نقسم هذا العصر إلى ثلاثة أقسام: -

1 - فترة الخلافة 300 - 366 هـ وتولى الحكم فيها الخليفة الناصر 300 - 350 هـ وابنه الحكم المستنصر، 350 - 366 هـ.

2 - فترة الحجابة 366 - 399 هـ وهي الفترة التي سيطر فيها الحاجب المنصور وأولاده على الخلافة الأندلسية.

3 - فترة الفتنة، 399 - 422 هـ والتي أدت إلى قيام عصر الطوائف.

نهضت الحركة العلمية في فترة الخلافة 300 - 366 هـ نهضة شاملة، وكان من مظاهرها اتضاح الشخصية العلمية للأندلس واستقلالها. فقد شجع الناصر وابنه الحكم العلماء المشارقة القادمين إلى الأندلس وأغدقا عليهم العطاء. وكانوا قد جلبوا الكتب القيمة، وترجموا الكتب الأجنبية المهمة، وحثوا على التأليف والبحث في مختلف المجالات. فإذا كان الناصر قد أحسن استقبال الوافد أبي علي القالي وجعله مؤدباً لابنه الحكم، فإن الخليفة الحكم اشتهر بحبه للكتب، فقد كانت له مكتبة تضم 400 ألف مجلد، وكان يحرص على اقتناء الكتب من أي مصدر (?)، فلذلك نهضت الأندلس علمياً في شتى الميادين خلال هذه الفترة:

ففي مجال الترجمة، ترجم إلى العربية خلال هذه الفترة أهم كتابين: الأول كتاب هيروشيش المؤلف باللاتينية، والذي يحوي أخبار الروم في العصور القديمة وسير

طور بواسطة نورين ميديا © 2015