يتناول المدح والهجاء والفخر والحماسة على غرار شعر المشرق، ولا أثر للأندلس على هذه النماذج التي قيلت، سوى أنها قُرئت في أرض الأندلس ليس إلا.

وبجانب الخطبة المنسوبة إلى طارق بن زياد، فإن ظروف العصر تتطلب الخطب الحماسية أولاً في مجال الحروب الجهادية أو في مجال الحروب القبلية، كما أن دعاة الإسلام في الأندلس يتطلب الأمر منهم إلقاء الخطب الدينية في أيام الجمعة أو أوقات الدعوة ثانياً (?).

والكتابة كانت ضرورية تقتضيها ظروف الفتح وإدارة البلاد، وإعطاء المواثيق وكتابة المعاهدات. ومن أشهر كتابات هذا العصر عهد موسى بن نُصير إلى تُدمير، وعهد بنبلونة، ورسالة يوسف الفهري آخر ولاة الأندلس إلى عبد الرحمن الداخل (?). ومن أشهر كتاب هذا العصر خالد بن يزيد كاتب يوسف الفهري، وكذلك أمية بن زيد الذي دخلَ الأندلس مع جنود بلج بن بشر، واتصل بخالد بن يزيد فجعله كاتباً معه (?).

وكانت الخصائص الفنية لهذا النثر هي خصائص النثر المشرقي نفسه الذي كان معروفاً في عصر بني أمية، فهو يميل إلى الإيجاز، ويعنى بقوة العبارة أكثر من عنايته بتجميلها، ثم خلوه من المقدمات الطويلة (?).

وفي الوقت نفسه لم يتوفر لفاتحي الأندلس التأثر بالثقافة القوطية المحلية، نظراً لضعف هذه الثقافة، وضيق أفقها، واقتصارها على المجال الديني بصورة خاصة. إضافة إلى أن ظروف الأندلس السياسية في عصر الولاة، أوجدت فيها جواً لا يلائم أي تقدم في مضمار الثقافة، لانهماك الناس بالمنازعات الكثيرة التي سيطرت على مسرح الأحداث، لذا اقتصر اقتباس الأندلسيين من الثقافة في هذا العصر على ما هو ضروري من المشرق العربى، لتمشية أمور الحياة وفق أحكام الدين الإسلامي. أما في مجال العلوم الصرفة، فكان أهل الأندلس منذ الفتح حتى بداية عصر الإمارة يعتمدون في الطب على كتاب مترجم من كتب المسيحيين يقال له الإبرشيم (المجموع - الجامع) (?).

طور بواسطة نورين ميديا © 2015