من المعروف أن الحضارة الأندلسية لم تنشأ فجأة، بل مرت في أدوار مختلفة، وخضعت لمؤثرات حضارية مشرقية تربطها بالوطن الأم باعتبارها جزءاً منه، كما خضعت أيضاً لمؤثرات حضارية محلية بحكم البيئة التي نشأت فيها (?).
ففي عصر الولاة كانت الأندلس تابعة للسيادة الأموية سواء في بلاد الشام أم في قرطبة، ولهذا كان من الطبيعي أن تتأثر بالمظاهر الحضارية الشامية جميعاً، وهو ما يسمى بالتقليد الشامي:
فمن الناحية الدينية، اعتنق الأندلسيون في هذه الفترة مذهب الإمام الأوزاعي (عبد الرحمن بن يحمد الأوزاعي 88 - 157 هـ) (?)، الذي كان من المجاهدين الذين رابطوا في مدينة بيروت لصد غارات العدو البيزنطي البحرية، ولهذا اهتم مذهبه بالتشريعات الحربية وأحكام الجهاد، وهذا الاهتمام كان يناسب وضع الأندلسيين في هذه الفترة من حياتهم القائمة على حروب الجهاد، ولهذا اعتنقوا هذا المذهب.
وتختلف الروايات حول العالم الأول الذي نقل مذهب الأوزاعي إلى الأندلس فترجح بين القاضي الغرناطي أسد بن عبد الرحمن (توفى عام 150 هـ) وصعصعة بن سلام الشامي الأندلسي (توفى عام 192 هـ أو 202 هـ) (?) أما الحياة الأدبية في الأندلس في هذا العصر فقد كانت صدى لحياة الشام الأدبية، فالشعر الذي قاله أشهر شعراء هذه الفترة -وقد ذكرنا بعضهم- كان يحاكي شعر الفرزدق والأخطل وجرير بالمشرق (?).
وإذا أخذنا بالتقسيم السياسي لعصر الإمارة 138 - 316 هـ حسب منهج الدكتور أحمد بدر (?)، وهو على الترتيب الآتي:
1 - عصر التأسيس 138 - 172 هـ/756 - 788 م (عصر عبد الرحمن الداخل).
2 - عصر التوطيد 172 - 206 هـ/788 - 822 م (عصر هشام الأول 172 - 180 هـ، وعصر الحكم بن هشام 180 - 206 هـ).