قدمت المعتصم هي نفسها التي أجلته عن موقعه وأبعدته عن شرق الأندلس لينفرد خيران بالسلطة في المناطق التي يسيطر عليها حتى وفاته سنة 419 هـ/1029 م (?)، فخلفه زهير العامري الذي قتل عندما حاول غزو غرناطة سنة 429 هـ/1038 م (?)، واستغل عبد العزيز خلو المرية من الزعامة فسيطر عليها وعلى معظم المناطق القريبة منها عدا مدينة جيان التي أصبحت ضمن أملاك دويلة غرناطة، وإزاء هذه التطورات قرر مجاهد العامري مهاجمة دويلة بلنسية. وفي سنة 433 هـ/1041 م وقعت الحرب بين القوتين، تبادل فيها الطرفان النصر والهزيمة، وانجلى الموقف أخيراً عن دخول عبد العزيز مدينة شاطبة وتعزيز سلطانه في مدن شرق الأندلس، واستمرت دويلته آمنة الجانب حتى وفاته سنة 452 هـ/1061 م (?)، فولي بعده ولده: عبد الملك الملقب بنظام الدولة وبالمظفر، وفي عهده آل أمر بلنسية للمأمون بن ذي النون صاحب طليطلة وأصبحت ضمن أملاكه سنة 457 هـ/1065 م (?).
واستمرت بلنسية تحكم من قبل ذي النون حتى وفاة المأمون سنة 467 هـ/1075 م فاستقل بها أبو بكر بن عبد العزيز - الذي كان نائباً عن ذي النون في حكمها - فحكمها دون منازع، واستعان بملوك الممالك الإسبانية الشمالية لرد الهجمات عنها مقابل دفع الأموال الكبيرة إليهم. وحكم عشر سنوات، وتوفي سنة 478 هـ فناب عنه ولده: أبو عمرو عثمان، الذي بدأ ولايته مع سقوط مدينة طليطلة في يد القشتاليين (?)، وكان لهذا الحدث نتائجه السلبية على عموم بلاد الأندلس، ومصير دولة بلنسية بوجه خاص.
فحينما استولى ألفونسو السادس على طليطلة " من يد صاحبها القادر بن ذي النون، حفيد المأمون، فقد تعهد له أو وعده ضمن عهوده لقاء الاستيلاء على المدينة، أن يمكنه من استرداد بلنسية التي خرجت عن طاعته، بل قيل إنه وعده بمعاونته على افتتاح دانية وشنتمرية الشرق إذ كان يعلم أنه بتمكين القادر من الاستيلاء على هذه المدن فإنها تغدو في الواقع تحت حمايته، ويغدو شرق الأندلس، واقفاً تحت سيادته، عن طريق القادر " (?).