وقد تمكن القادر من دخول بلنسية بعد أن خلع أهلها أبا عمرو عثمان وقامت دولة بني ذي النون في هذه المدينة (?) تحت وصاية ألفونسو السادس وتحت رحمة جنده المرابطين فيها، والذين باتوا يشكلون عبئاً ثقيلاً نتيجة إلحاحهم في طلب الأموال، وزادت حالة المدينة سوءاً عندما تحول القادر إلى حاكم متعسف لا يهمه المصلحة العامة بقدر ما تهمه مصالحه الذاتية وإرضاء الحلفاء المسلطين عليه، حتى اضطر علماؤها إلى الهجرة والخروج عنها، ولم ينته هذا الضيق والعسف إلا عندما دخل المرابطون الأندلس، وانسحبت قوات ألفونسو من بلنسية للإشتراك في العمليات العسكرية ضد المرابطين (انتصر فيها هؤلاء بعدئذٍ في واقعة الزلاقة سنة 479 هـ/1086 م)، وحاول القادر مثله مثل حكام دويلات الطوائف التقرب من المرابطين، لكنه لم يحظ بطائل، فعادت أمور بلنسية إلى الاضطراب، وشعر بخطورة الموقف عندما استغل المنذر بن هود حاكم لاردة وطرطوشة الفرصة وحاصر بلنسية سنة 481 هـ/1088 م. فاستعان القادر بحليفه ألفونسو السادس والمستعين ابن هود حاكم سرقسطة منافس المنذر، ولكن لكل واحد من هذين أهدافه وأطماعه في دويلة بلنسية، وعندما وصلت قوات المتحالفين قرر المنذر فك الحصار ومغادرة مواقعه لتحل محل قواته قوات المستعين التي ضمت في صفوفها فرقة هن الفرسان المرتزقة الإسبان يقودها السيد الكمبيادور الذي سبق له أن خدم والد المستعين وجده من قبل.

وتشير المصادر التاريخية إلى اتفاق سري بين المستعين والسيد الكمبيادور خلاصته غزو المدينة واقتسام أملاكها، بحيث تكون جميع الغنائم لقوات الكمبيادور والمدينة نفسها من نصيب المستعين، ويبدو من سير الأحداث بعد ذلك محاولة نكث كل طرف بالآخر، ومحاولة كل واحد العمل لحسابه الخاص بعد أن تمكن القادر من إجراء محالفات سرية بين الطرفين كل على حدة محاولاً الإيقاع بينهما، وحاول كسب السيد الكمبيادور الذي رحب بعروض القادر، ورفض مهاجمة مدينة بلنسية بحجة كون القادر يتمتع بحماية ألفونسو السادس وإن الهجوم عليه يعني الخروج عن طاعة ملكه ملك قشتالة (?).

ومنذ ذلك الحين انفض الحلف الذي كان يربط المستعين بالسيد الكمبيادور الذي بدأ يجوب مدن شرق الأندلس ويفرض على حكامها المبالغ الطائلة. واستمر على تلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015