دخول مدينة إشبيلية عندما طرده أهل قرطبة (?)، وعندما تعرضت إشبيلية لمحاصرة قوات يحيى بن حمود سنة 414 هـ، برز ابن عباد بوصفه مفاوضاً ذكياً، فقد تمكن من رد قوات ابن حمود دون أن يعرض مركزه ومدينته إلى أي ضعف أو خطر، فقد وعد ابن عباد الخليفة الحمودي بالدعوة له في الخطبة وتأدية مبلغ من المال لإثبات ولائه له.
وكانت حركته هذه ضرورية قصد بها إبعاد خطر قوات الحموديين عن المدينة وقد استخلص مرسوماً مهماً من الخليفة الحمودي بإقراره رئيساً ونائباً عنه في مدينة إشبيلية (?)، ومنذ هذا التاريخ بدأ ابن عباد يسعى إلى تأسيس ملك خاص بأسرته، ويعمل على تجميع قوات مخلصة لأهدافه (?)، جعلها أداة ضاربة لتقليم نفوذ ملوك الطوائف المجاورين لإشبيلية، والسعي إلى ضم ما يمكن ضمه من حصون ومدن تلك الدويلات ولكي يبعد ابن عباد خطر الحموديين عن مناطق نفوذه نهائياً ويتحلل من تبعيته (الإسمية) لهم (?)، وليثبت شرعيته في الحكم ويسوغ الأعمال التوسعية التي قام بها، أعلن في سنة 426 هـ عن ظهور هشام المؤيد (?)، وإعلانه خليفة في إشبيلية، ودعا بقية حكام دويلات الطوائف للإعتراف به (?)، (وقد سبقت الإشارة إلى اعتراف بني جهور بالخليفة هشام لأسباب ذكرت آنفاً). وعلى هذا الأساس يعد محمد بن عباد مؤسس دولة بني عباد الحقيقي " ومنشئ ملكهم ورسوم مملكتهم، وعلى يده اتخذ سلطان بني عباد ألويته الملوكية المدعمة بالقوى العسكرية، وإن لم يصل بعد إلى غايته من الروعة والفخامة، وأصبح ملوكية وراثية راسخة، بعد أن كان يتخذ فقط صورة الزعامة، والرئاسة القبلية " (?). وبوفاة محمد بن عباد سنة 433 هـ آل الأمر من بعده إلى ولده أبي عمرو عباد بن محمد الملقب المعتضد، وقد بدأ عصره بإجراءات قاسية أصابت العديد من الشخصيات البارزة ومنهم أعضاء مجلس الرئاسة الذي شكل في عهد والده، واعتمد