القوة في تحقيق أهدافه في الداخل والخارج، فكان وزرائه وكبار رجال دولته يخشونه كما يخشاه منافسوه من حكام دويلات الطوائف، وقد سرد لنا المؤرخون أسماء الشخصيات التي نكبت في عهده ومن بينهم ولده إسماعيل (?)، والعالم عمر الهوزني الذي اشتهر بعلومه وطول باعه وهو ممن له في تاريخ الفكر العلمي الأندلسي نصيب وافر (?).
وكانت سياسته الخارجية تقوم على ضرب دويلات الطوائف متى ما وجد لذلك فرصة سانحة تحقق له المزيد من ضم الأراضي إلى دويلة إشبيلية، فقد تمكن من السيطرة على معظم مدن الغرب ومنها جزيرة شلطيش سنة 443 هـ ومدينة شنتمرية في نفس السنة ومدينة لبلة سنة 445 هـ، وشلب سنة 455 هـ، وحاول مرات عديدة الاستيلاء على بطليوس ابتداءً من سنة 442 هـ إلا أنه لم يتمكن منها، فاكتفى بالسيطرة على بعض الحصون المهمة التابعة لها.
وهكذا استطاع ابن عباد في نحو عشرين سنة أن يقضي على سائر الدويلات الصغيرة القائمة في غرب الأندلس، وأصبحت دولته تشمل سائر الأراضي الممتدة من نهر الوادي الكبير غرباً حتى المحيط الأطلسي عدا رقعة تقع شرق هذا الوادي، قرر ابن عباد بعد ذلك استخلاصها من حكامها حتى يؤمن دولته من هذه الناحية، ويمتلك حرية الحركة في اتجاه الشمال والشرق (?). فاستولى على رنده سنة 457 هـ وعلى أركش وشذونة وما يلحق بها، ومورور سنة 458 هـ، وقرمونة سنة 459 هـ وكان ابن عباد قد استولى على باب الأندلس من الجنوب وهو الجزيرة الخضراء سنة 446 هـ وقضى على نفوذ الحموديين فيها.
وهكذا أصبحت دولة بني عباد " تضم من أراضي الأندلس القديمة رقعة شاسعة تشمل المثلث الجنوبي من شبه الجزيرة، وأرض الفرنتيرة شمالاً حتى شواطئ الوادي الكبير، ثم تمتد بعد ذلك من عند منحنى الوادي الكبير، غرباً حتى جنوب البرتغال