مما ولد نوعاً من الاستياء وعدم الإرتياح لسوء الأوضاع في الداخل وتلت ذلك اضطرابات شجعت صاحب طليطلة على التعرض لحصن المدور والاستيلاء عليه ثم الزحف إلى قرطبة للإستيلاء عليها، فاضطر عبد الملك إلى الاستعانة ببني عباد وكانت تجمعه وإياهم علاقات صداقة ومودة، ولكن بني عباد الذين استطاعوا تخليص قرطبة من حكام طليطلة، عادوا واستولوا عليها سنة 462 هـ وقبضوا على بني جهور ونفوهم إلى جزيرة شلطيش (?)، وبذلك ينتهي حكم بني جهور لقرطبة بعد أن استمر قرابة الأربعين سنة.

2 - دويلة اشبيلية (بنو عباد):

يرجع أصل بني عباد إلى المنذر بن ماء السماء، وجدهم عطاف بن نعيم هو الداخل إلى الأندلس في طالعة بلج بن بشير القشيري (?) وكان بنو عباد من الأسر التي لها في تاريخ العرب بالأندلس نصيب وافر فعميد أسرتهم إسماعيل بن عباد تقلب في مناصب الدولة سنين عديدة آخرها قضاء إشبيلية، وقد تمكن من السيطرة على الأمور في المدينة إبان الفتنة التي أصابت البلاد، تلك السيطرة التي ارتضاها عموم أهل إشبيلية بفضل السياسة الحكيمة التي سار عليها حتى وصف بأنه رجل الغرب المتصل الرئاسة وقت الجماعة، ووقت الفتنة.

إن سياسة ابن عباد الرصينة جعلت له مكاناً مرموقاً عند بني حمود الذين كان سلطانهم يتردد بين العاصمة قرطبة وبين مدينة إشبيلية، فعندما اعتزل إسماعيل بن عباد مناصبه نتيجة كبر سنه، قدم القاسم بن حمود الملقب بالمستعلي أبا القاسم محمد بن إسماعيل بن عباد وعيَّنه في منصب القضاء، غير أن الظروف التي مرت بها الدولة الحمودية، وسلبيات الصراع بين أفراد العائلة، جعلت أهل إشبيلية يميلون إلى الاستقلال في إدارة مدينتهم، لذا فعندما غادر المستعلي إشبيلية ليتولى منصب الخلافة بقرطبة قرر الإشبيليون إعلان استقلالهم، وخولوا إدارة المدينة مجلساً مكوناً من وجهائها وعلى رأسهم محمد بن عباد ومعه أبو محمد بن مريم والعالم المشهور أبو عبد الله الزبيدي (?)، وبدأ ابن عباد يمارس سلطاته باتجاه الاستقلال التام، فمنع المستعلي من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015