عن الآرية وتعتنق مذهب الغالبية من سكان البلاد. وهكذا فقد أعلن في مجمع طليطلة الديني سنة 587 م تخليه عن الآرية واعتناقه، هو وأهل بيته، للمذهب الكاثوليكي، وتبعه في هذا الأمراء وكبار رجال المملكة (?). وهكذا توحدت الكنيسة الاسبانية تحت ظل الملكية القوطية. وأعقب هذا التحول إلى الكاثوليكية اتخاذ اللغة اللاتينية لغة رسمية في البلاد، وتوثقت العلاقة بالبابوية مما شجع البابوات على بسط نفوذهم الديني والسياسي على إسبانيا. وأصبحت طليطلة أسقفية يقيم فيها أسقف كبير يمثل البابا. وقد أيد السكان الاسبان الرومان هذا الإجراء، ولم تتخل إسبانيا عن الكاثوليكية بعد هذا التاريخ. وكانت هذه الخطوة عاملاً فعالاً لامتزاج الشعبين القوطي والآيبيري الروماني، ولكن هذا الامتزاج لم يتم بشكل كامل بسبب حرص القوط على اعتبار أنفسهم الشعب الحاكم المتميز، مما كان له أثر بعيد على مصير دولة القوط في إسبانيا (?).

وبالإضافة إلى المسيحيين كان ما يزال هناك عدد لا بأس به من السكان الوثنيين في شبه الجزيرة. وتشير التشريعات المتتالية الصادرة عن مجالس الكنيسة وملوك القوط إلى مدى الانتشار الواسع للوثنية، والكهانة، والعرافة، والسحر في البلاد (?). وكانت هذه الممارسات قد ترسخت في معظم أرجاء إسبانيا تقريباً، وانتعشت إلى الحد الذي دفع مجلس طليطلة الثالث (589 م) أن يقرر بأنه يتوجب على كل أسقف بالتعاون مع القاضي المحلي أن يحقق في انتشار الوثنية في منطقته، ويعمل على مكافحتها (?). وكان الباسك رضي الله عنهasques أو البشكنس، حسبما تسميهم المصادر العربية، من جملة الجماعات الوثنية التي تعيش في منطقة الشمال الشرقي المتاخمة لجبال ألبرت. وقد فشل الأساقفة والملوك القوط في زعزعتهم عن الوثنية أو إخضاعهم طيلة العهد القوطي. ولا يعرف لحد الآن الأصل الحقيقي لهؤلاء الباسك، ولكنهم ربما كانوا من بقايا القبائل التي سكنت منطقة جبال ألبرت في عصور ما قبل التاريخ (?). ولقد كان هؤلاء السكان الجبليون متمرسين على القتال والتمرد على ملوك القوط المختلفين، وظلوا مصدراً للقلاقل والاضطرابات طيلة العهد القوطي والعهود العربية الإسلامية اللاحقة. بل إن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015