انتفاضاتهم ومطالبتهم المستمرة من أجل الاستقلال أو على الأقل الحكم الذاتي، ما تزال تعكر صفو الحكومات الاسبانية المختلفة حتى الوقت الحاضر.
لقد شكل اليهود عنصراً مهماً آخر من عناصر السكان في مملكة القوط الغربيين.
ويعود تاريخ استيطانهم في شبه الجزيرة إلى زمن بعيد جداً (?). وكانوا ينتشرون في مناطق عديدة من البلاد، لكنهم تركزوا بالدرجة الأولى في المراكز الحضرية المتقدمة، مثل العاصمة طليطلة، وفي مناطق الجنوب، وعلى طول ساحل البحر المتوسط في شرق إسبانيا. وتختلف حالة اليهود الاقتصادية، وطرائقهم في الحياة في إسبانيا اختلافاً كبيراً. فمنهم من كان يعمل بالتجارة داخل البلاد وخارجها، بينما كان الآخرون فقراء لا يمتلكون أية ممتلكات (?). ويشير بعض المؤرخين إلى أن ملكية الأرض كانت الأساس الذي تقوم عليه معيشة بعض اليهود في إسبانيا، فكان هؤلاء يعيشون في قرى ويزرعون أراضيهم بأيديهم، بينما تولى آخرون الإشراف على المزارع التي يمتلكها المسيحيون.
ولكن يبدو من التشريعات الكثيرة التي تخص اليهود في إسبانيا، أن فعالياتهم التجارية، كانت مهمة بقدر أهمية نشاطهم الزراعي.
لم يكن وضع اليهود في ظل القوط الغربيين حسناً، فقد ضُيّق عليهم وعوملوا معاملة غير جيدة من قبل ملوك القوط المختلفين. ويعد الملك سسبت Sisebut (612 - 621 م) بنظر العديد من المؤرخين، الملك القوطي الأول الذي ابتدأ بوضع القيود على اليهود (?). ولكن هذا الأمر يرجع في الحقيقة إلى عهود تسبق الحقبة التي حكم فيها هذا الملك. فهناك تشريعات معادية لليهود منذ عهد الملك ألاريك الثاني صلى الله عليه وسلمlaric II (484 - 507 م)، (?). وكذلك نصت قرارات مجلس طليطلة الثالث (587 م) على إكراه اليهود على اعتناق المسيحية، وحرّمت على أي يهودي أن يشتري عبداً مسيحياً (?).
ولقد ظل هذا التشريع سارياً، وأعيد تطبيقه من قبل ملوك القوط المتعاقبين، كما أُيِّد وعُزِّز من قبل مجلس الكنيسة إلى نهاية العهد القوطي.