البلاد، حيث لا تخلو منهم أية مدينة أو قرية أو حصن أو دار ريفية أو خان. وقد شرع قانوناً وضع بموجبه عقوبات صارمة على كل من يفشل في مطاردة العبيد الهاربين، وإلقاء القبض عليهم (?).
أما الطبقة العليا، أي طبقة النبلاء فكانت تتألف من أغنياء القوط الغربيين، وبقايا طبقة النبلاء الرومان. ويتميز أفراد هذه الطبقة عن الأحرار الاعتياديين بأصلهم النبيل، وامتلاكهم للمزارع والضيع الكبيرة التي تزرع من قبل المستأجرين، وبخدمتهم في المناصب العليا في القصر وفي الإدارة (?). وكانت البلاد حتى منتصف القرن السابع الميلادي تحكم وتدار بواسطة إدارة مشتركة من الطبقة النبيلة القوطية والرومانية. ومن المظاهر المهمة لهذا النظام، أن الطبقة النبيلة القوطية كانت مسؤولة عن السكان القوط، والطبقة النبيلة الرومانية تمارس سلطاتها على السكان الرومان، بينما كان الملك القوطي وموظفوه الكبار يقررون السياسة العامة للجميع. وكان مُلاك الأراضي الرومان والقوط، وكما هو الحال بالنسبة إلى الملك وكبار موظفيه أيضاً، يشرفون على مزارعهم بواسطة الوكلاء ومديري المال في مقاطعاتهم (?). وبصورة عامة فإن أفراد هذه الطبقة النبيلة كانوا أغنياء جداً، بنوا ثروتهم على حساب الطبقات الفقيرة المعدمة الأخرى، وقد أفلح بعضهم في الاحتفاظ بثروته حتى بعد الفتح العربي الإسلامي (?).
كانت المسيحية هي ديانة الغالبية العظمى من السكان. وكان الاسبان - الرومان يدينون بالمذهب الكاثوليكي، بينما كان القوط الغربيون قد اعتنقوا المذهب الآريوسي، الذي يقول بطبيعة المسيح البشرية، منذ سنة 377 م (?). وقد عمل القوط الغربيون، منذ أيامهم الأولى في إسبانيا حتى تحولهم إلى الكاثوليكية في عهد ريكاريد Reccared (586 - 601 م)، على الفصل الكامل بين السكان القوط والاسبان الرومان، فكان أبناء كل طائفة يقيمون شعائرهم بحرية تامة بمساعدة رجال الدين التابعين لملتهم، وفي كنائسهم الخاصة (?). وقد تبين للملك ريكاريد أنه لا صلاح لدولة القوط في إسبانيا ما لم تتخلّ