اتجاهات مختلفة وتلقن المتمردين دروساً اعتبروا بها زمناً طويلاً، فقد تمكنت قوة من قواته دخول حصن طرش وحصون أخرى في كورة باغه وتطهيرها من العصاة سنة 309هـ (?). وتمكنت قوة أخرى من السيطرة على حصن منت روي في كورة البيرة في السنة التي تلتها (?). وفي الثغر الأعلى كانت قواته تقاتل بني ذي النون وتدخل أقوى حصونهم شنت برية سنة 314 هـ (?). وكانت قوات شرق الأندلس تجوب حصون المخالفين في كورة تدمير وتستولي عليها الواحدة تلو الآخر، وتمكنت قوة أخرى من تطهير مدينة ماردة من أسباب الفساد والعصيان سنة 316 هـ (?). وفي السنة التالية دخلت مدينة شاطبة ثم مدينة طليطلة بعد حصار طويل، ثم سقطت مدينة باجة سنة 317 هـ ومدينة بطليوس سنة 318 هـ بعد قتال شديد (?).
وهكذا استطاع عبد الرحمن الناصر من استعادة الوحدة الوطنية إلى الأندلس ومكن السلطة المركزية من السيادة على أقاليم البلاد بعد ما استطاع بكفاءة عالية من إدامة عوامل النصر لقواته في الوقت الذي استنزف طاقة تحمل أعدائه المتمردين.
اتخاذ ألقاب الخلافة:
رغم أن الدولة العربية في الأندلس قد استطاعت غير مرة منافسة الدول الكبرى في مجالي القوة والتقدم فإن أمراء هذه الدولة لم يفكروا في الإقدام على منافسة الدولة العباسية في ألقاب الخلافة " وقيل في تعليل ذلك أنهم كانوا يرون الخلافة تراثاً لأهل البيت، ويدركون قصورهم عن ذلك، بالقصور عن ملك الحجاز أصل العرب والملة، والبعد عن دار الخلافة التي هي مركز العصبية، وأنهم بعبارة أخرى: كانوا يرون أن الخلافة تكون لمن يملك الحرمين " (?).
ولا خلاف فإن الإحجام عن اتخاذ ألقاب الخلافة يرجع في الأساس إلى بواعث السياسة الحكيمة التي تميز بها أمراء الأندلس متحوطين من إثارة الفتنة والخلافات الدينية والمذهبية في العالم الإسلامي (?).