غير أن مستجدات القرن الرابع الهجري السياسية وما رافق ذلك من تغير في خارطة العالم الإسلامي فضلاً عن عوامل أخرى دفعت الأمير عبد الرحمن الثالث إلى اتخاذ ألقاب الخلافة، ويمكن ترتيب العوامل على النحو الآتي:
- استعادة الوحدة الوطنية إلى البلاد بعد ستة عشر عاماً من النضال الصعب الذي انتهى بالقضاء على جميع المتمردين وعلى رأسهم بني حفصون (?). ولقب الأمير لم يعد من الألقاب التي تستوعب طموحات عبد الرحمن الثالث، خصوصاً بعد أن زالت حرمة هذا اللقب وتلقب به معظم الخارجين على السلطة المركزية منافسة لأمير قرطبة الحاكم الفعلي والشرعي لعموم البلاد.
- ضعف الخلافة العباسية وتحكم العناصر الأجنبية بمقدرات الخلافة بوصفها لقباً له حرمته، وبالخليفة بوصفه صاحب سلطة دينية وزمنية (?)، عامل من العوامل التي أجازت للأمير الأموي اتخاذ لقب الخليفة.
- ظهور دولة الفاطميين في المغرب العربي وسيطرتها على مناطق واسعة منه وإعلانها الخلافة (?)، أسباب دفعت الأمير عبد الرحمن للرد على الفاطميين بالمثل بعد ثبوت أحقيته بألقابها من دولة منحلة (العباسية) وأخرى طارئة (الفاطمية) (?) أو كما يقول ابن حيان: " وقطعه على استحقاقه لهذا الاسم الذي هو بالحقيقة له ولغيره بالاستعارة " (?).
- إن لقب خليفة يهيئ للعاصمة قرطبة دوراً أكثر مركزية يمكنها من القبض على أطراف الدولة قاطبة، ويمكنها من قمع أي تحرك انفصالي بالسرعة القصوى (?).
- وقيل أن أهل الأندلس هم الذين منحوا أميرهم لقب (خليفة) تقديراً لجهوده في توحيد البلاد، وتثبيت أركانها لإعادة مجدها وبعد أن تيقنوا من ضعف خلافة بني العباس في المشرق وبطلان دعوى الفاطميين في المغرب.
وللأسباب الآنفة الذكر أعلن الأمير عبد الرحمن الثالث الوثيقة الرسمية بوجوب